ظل المواطنون رجالاً ونساءً، أطفالاً، كباراً وصغاراً يتمددون في صفوف متراصة في انتظار مجموعة بسيطة من قطع الخبز التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فأصحاب المخابز وتجار الدقيق يتعللون بأن السعر غير مجزٍ، والصورة التي نراها يومياً لتلك الصفوف ونحن في القرن الحادي العشرين الذي صنع العالم فيه أحدث أنواع الأسلحة، ونحن ما زلنا نبحث عن قطعة خبز ينتظرها الكبار والصغار فترات طويلة من الوقت، وإذا حصل عليها غمرته سعادة فائقة، ولكن للأسف البلاد كلها في حالة تصاعد للأسعار، فلم تكن هناك سلعة واحدة لم تتعرض إلى تلك الزيادات رغم أن كثيراً من السلع لم يتم استيرادها من الخارج ولم تحتج إلى الدولار الذي ربط بكل سلعة، فعلى المواطن الذي تحمل كل تلك الزيادات الفلكية عليه أن يتحمل زيادة قطعة الرغيفة إذا كانت تلك الزيادة تجعله يمارس حياته الطبيعية، كصلاة الصبح التي غاب عنها الكثيرون بسبب أزمة الخبز، فلابد أن نكون شجعان في تلك الزيادة وتحمل تبعاتها فكم تبلغ تلك الزيادة جنيه واحدة لكي نحصل على قطعة من الخبز وزنها تسعين أو ثمانين جراماً، إن الحياة الآن أصبحت صعبة ولم تقف على الخبز الذي كان واحداً من أسباب ثورة ديسمبر، ولكن للأسف الناس كلها تجاوزت قطعة الخبز إلى سلع أهم بكثير مثل اللبن والفطور الذي يكلف العامل والموظف أكثر من خمسين جنيهاً للوجبة الواحدة وللنفر الواحد، أما اللحوم فلا أظن أن هناك أسرة فقيرة تستطيع أن تشتري ربع كيلو ناهيك عن النصف أو الكيلو، بالإضافة إلى المواصلات التي تكلف الفرد الواحد يومياً أكثر من مائة جنيه، فما بال الأسرة المكونة من أربعة أفراد وهم في حاجة إلى مواصلات يومياً، أما إلى المدارس أو الجامعات، بالإضافة إلى رب الأسرة الذي أيضاً في حاجة إلى مصاريف مواصلات، إننا وفي تلك الظروف يجب أن نكون أكثر عقلانية خاصة في موضوع الخبز وزيادته، ويجب ألا نتعصب بأن الذين ينادون برفع الدعم عن الخبز أو زيادة التعريفة هؤلاء كيزان، إن الموضوع أصبح أكبر من كيزان أو دولة عميقة، فإذا كان هناك محاولة لتحسين صورة قطعة الخبز وحجمها فلا مانع من ذلك فالعواطف لن تنفع، فاذكر في بداية حراك الثورة والخبز كان واحداً من تلك المشاكل، فاطلعت على إحدى القنوات الفضائية وكنت وقتها صادقاً مع نفسي لم أخف من السُلطة الحاكمة ولا الشباب الذي يقف أمام المتاريس بل وأنا ذاهب في طريقي إلى تلك الفضائية (غشيت) كم من المخابز بالطريق فوجدت الخبز متوفراً بها وحينما بدأت الحديث عن الوضع وجاءت سيرة الخبز تحدثت كما رأيت ولكن حديثي لم يعجب الكثيرين وقتها بل اتهمني البعض بالكذب على الرغم وقتها الذين اتهموني بالكذب لم يصحوا من النوم لأن الوقت لم يتجاوز السابعة صباحاً، لذا فبدلاً من ركوب الرأس والهتافية والصياح، يجب أن نواجه الواقع أو نستبدل طعامنا بما كنا نأكله من قبل فكثير من نساء بلادي الآن عدنا إلى (عواسة الكِسرَة) فأنا لا أقول كما قالت “ماري أنطوانيت” (أكلوا جاتو) ولكن البديل موجود ويمكن يغنينا من تلك الصفوف اليومية التي أرهقت الكبار والصغار وإلا فإن الحالة ستظل كما هي عليه فيومياً الناس من الصباح أو المساء أمام المخابز في انتظار الرغيف.. فالتزيد الدولة السعر! كما عملت سعرين للبنزين والجازولين التجاريين.