ولنا رأي

هل كان يحلم “حميدتي” أن يكون الرجل الثاني؟

صلاح حبيب

لم يعرف الشعب السوداني القائد “محمد حمدان دقلو” الشهير “بحميدتي” في الوسط السياسي الأمن خلال المعارك التي قادها ضد حركات التمرد، ولم يتوقع الشعب السوداني أن يكون “حميدتي” الرجل الثاني في الدولة، فقد شاهده الكثيرون عبر قناة (سودانية 24) في حوار جريء مع الأستاذ “الطاهر حسن التوم”، الفريق “حميدتي” ادخره الرئيس السابق ليكون طوق النجاة له ولحكومته، وبالفعل خاف الناس حينما اندلعت الاحتجاجات من عطبرة إلى مدن السودان المختلفة، وظن البعض أن “حميدتي” وقواته سوف يقضون على الثورة بل ربما يعملوا على إبادة الشعب السوداني من أجل أن يظل “عمر البشير” على سُدة الحُكم ولكن إرادة المولى عز وجل أرادت أن يكون “حميدتي” داعماً إلى الثورة وواقفاً إلى جانب الشعب السوداني بدلاً من الوقوف إلى جانب “البشير” ويقال إن الرئيس السابق كان يطلق عليه (حمايتي) بدلاً من “حميدتي”، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يسير أمور العباد، ففي بداية الثورة حاول البعض قتل شخصية “حميدتي” واتهم بالكثير من الصفات والنعوت وعدم التعليم والجهل، ولكن أثبت الفريق “حميدتي” أنه شخصية عكس كل التوقعات فالذين كانوا ينتظرون أن يقتل الشباب في القيادة العامة كان السند بالنسبة لهم رغم كل الاتهامات التي الصقت به وبقواته، فالفريق “حميدتي” ومنذ أن تشكل المجلس العسكري بدأ يتحرك كرجل دولة داعماً لكل المواقف فقدم إلى بنك السودان ملايين الدولارات لسد العجز فيه، ودعم رجال الشرطة والمعلمين، ولم يكتف بذلك فقدم الكثير في تأهيل وصيانة المدارس، ولكن كل الذي يقوم به في صمت شديد رافضاً أن يظهر أعماله في الإعلام، ولذلك كل أعمال الخير التي يقوم بها في مناطق دارفور أو كردفان أو في الخرطوم يتحدث عنها ممن يعرفونه، بدأ زيارات إلى كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وأخيراً إلى جوبا.. فكان واثقاً من نفسه فقد حباه الله تلك الشخصية القيادية، فقد طغت شخصيته على شخصيات الكثيرين من أعضاء المجلس الانتقالي، فظل يقدم المبادرات في حل مشاكل البلاد، فقد لعب دوراً كبيراً في الصُلح الذي تم الأيام الماضية مع النوبة والبني عامر، فلولاه لظل الصراع دائراً إلى اليوم، فقد حسم الطرفين من خلال كلمته القوية التي وجهها إلى قيادات الطرفين مطالبهم بالتوقيع على الوثيقة وإلا فليس هناك مكان لهم في أرض بورتسودان، فالقائد لابد أن تكون كلمته مسموعة وحاسمة، وبهذا أثبت أنه رجل دولة بحق وحقيقة لم يتراخ أو يتوانَ في ذلك، إن شخصية الفريق “حميدتي” تحتاج إلى دراسة وإلا فكيف استطاع أن يقود هذا الوفد إلى جوبا ويلتقي بقيادات الحركات المسلحة “مالك عقار وعبد العزيز الحلو” كيف تم التوقيع على تلك الوثيقة التي من خلالها تبدأ جولات المفاوضات بصورة جادة من أجل حل المشكلة السودانية التي ظلت لثلاثين عاماً تتقدم خطوة وتتراجع عشرات الخطوات إلى الوراء فالمشكلة السودانية لن تحل بالبندقية بقدر ما حلها عبر التفاوض والكلمة الطيبة وإعطاء كل ذي حق حقه.. فالآن استطاع “حميدتي” أن يقنع قيادات الحركات المسلحة بهذا الوضع الذي يمكن من خلاله أن يحكموا ضمن المنظومة الحالية التي توافقت على حكم البلاد خلال الثلاث سنوات من عمر الفترة الانتقالية، فالفريق “حميدتي” استطاع أن يقدم نفسه إلى الشعب السوداني بهذه الطريقة العفوية دون تكبر أو ادعاء، فدخل نفوسهم من أول وهلة ولكن البعض أرادوا أن يقتلوه معنوياً، فأراد الله أن يكون داعماً إلى هذه الثورة وإلى أولئك الثوار فالتاريخ سوف يثبت لنا ذلك.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية