ولنا رأي

ماذا يحدث في مستشفى ابن عوف؟

اتصل عليّ من هاتفه النقال ليس ليبشرني بنبأ سعيد ولكن قال لي يا أستاذ ابنتي توفيت بمستشفى جعفر بن عوف للأطفال، كانت صدمة بالنسبة لي أن يزف إليّ أب نبأ وفاة ابنته التي كان يحلم أن يدخلها المدرسة ويراجع معها دروسها ومن ثم تنتقل من صف إلى آخر حتى تدخل الجامعة وفي الجامعة تختار الدراسة التي تحلم بها ويحلم بها الواحد ثم ينشر الفرح بين أهله وأخوانه وأحبابه بتفوق كريمته وتخرجها في الجامعة وتمضي الأيام والسنون ويأتيها سعدها ويزفها عروساً إلى زوجها وهو راضٍ عنها كل الرضا بعد أن وصلت إلى هذه السن، وقد أشاعت الفرح والسرور في نفسه.
مازالت عبارة يا أستاذ ابنتي توفيت بمستشفى ابن عوف كان صابراً ولكن في حلقه غصة من الإهمال وعدم الاهتمام بالأطفال وهم يدخلون المستشفيات لتلقي العلاج ليعودون إلى ديارهم معافين ولكن الإهمال في كثير من المستشفيات يروح ضحيته البسطاء والمحتاجون.
إن مستشفى جعفر ابن عوف للأطفال عنوان سيء للمستشفيات وذلك لما سمعنا من أهل الأطفال الذين لا يجدون العلاج ولا الراحة ولا الهواء وقبل فترة اتصل عليّ والد طفل بنفس المستشفى وهو يشكو من انقطاع التيار الكهربائي في المستشفى لعدة ساعات والأطفال يصرخون والآباء والأمهات لا حيلة لهم، وماذا يفعلون وإلى أين يتجهون بأطفالهم.
لقد عرفت الدكتور جعفر ابن عوف اختصاصي الأطفال وأنا في بداية مسيرتي الصحفية، لقد عرفته طبيباً متواضعاً مهتماً بالأطفال، مكتبه ليس كالمكاتب الفاخرة أو الفخمة فهو مكتب متواضع بشارع الحوادث، دائماً تجده مكتظاً بذوي المرضى للاستفسار أو طلب المساعدة للابن المريض لم ألحظه طوال الفترة التي كنت أتردد عليه فيها للحصول على مقابلة صحفية أو نقل أخبار متذمراً أو مغلقاً مكتبه عليه، رغم حداثتي في المهنة ولكن كان يفتح لي أبواباً لإجراء المقابلات مع عدد من الاختصاصيين في المجالات المختلفة فبدأت بسلسلة من الحوارات حول عدد من الأمراض كالأمراض التي تصيب المواطنين إبان فصل الشتاء أو خلال فصل الصيف تعرّفت على عدد كبير من الأطباء حتى أعتقد بواب المستشفى أنني طبيباً من كثرة مشاهدته لي.
إن الدكتور جعفر ابن عوف إنسان وكانت سمعته مثل الذهب فلا ندري لماذا لطخت سمعته بهذه المستشفى التي لا تشبهه ولا تشبه اسمه، لماذا تردت المستشفى وتردى مستوى العلاج فيها، لماذا أكثر الحديث عنها وعن تجفيفها وتوزيع حالات الطوارئ إلى مستشفيات إبراهيم مالك وبشائر لا ندري هل الصراع في الفترة الماضية حول تسمية المستشفى باسم الدكتور جعفر ابن عوف هو السبب في إهمال المستشفى الآن وتردي خدماتها.
إن الإهمال وتردي الحالة الصحية ليس قاصراً على مستشفى جعفر ابن عوف ولكن تردي الخدمات الصحية واضح لكل من يدخل المستشفيات الحكومية، لقد أصبحت المستشفيات الحكومية الآن أشبه بالتعليم الحكومي فالاثنان ترديا بينما كانت المستشفيات قبلة لكل المرضى في الماضي يجدون فيها العلاج الجيد والطبيب الإنسان والأكل الممتاز وكذلك التعليم الحكومي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية