هل أحسن المؤتمر الوطني إخراج إجازة قانون الانتخابات أم أخذته الحمية فانتصر لنفسه فأجازه بمن بقيّ معه داخل قبة البرلمان، إن انتخابات 2020 تعتبر فاصلة ما بين الثلاثين عاماً الماضية والفترة المقبلة من حكم الإنقاذ، لذا كان من المفترض أن يتماشى مع القول السياسة عامة مع المصالح الوطنية بدلاً من تأزيم الموقف، فانتخابات 2015 كانت المقاطعة صامتة وكانت ولاية الخرطوم أم الولايات، أضعف حلقات التصويت فيها مقارنة ببقية الولايات المختلفة، حتى ولايات الصراع كانت أفضل من الخرطوم، فالمؤتمر الوطني لم يتعامل بروح الأبوة مع تلك الأحزاب التي تشاركه الحكم، وإن سميناها معارضة ولكنها ظلت تتماشى معه طوال الفترة الماضية، بتلك الروح الشفافة حتى المؤتمر الشعبي الذي يعد من الأحزاب التي ناصبته العداء ولم تقبل بكل ما يطرحه، فهي الآن تقف إلى جانبه من أجل استقرار الوطن، فالمرحلة القادمة تشكل نقطة فارقة بين الإنقاذ والمعارضة، فانتخابات 2020 ربما تكون من أضعف الانتخابات التي جرت بالبلاد، فالمواطن الذي يعاني من أزمات طاحنة فلا سبيل إلى الإصلاح مما جعله في حالة إحباط مستمر، فلا الدولة استطاعت أن تفرج له عن أمواله المودعة في بنوكها، ولا حلت له مشكلة الاقتصاد وعلى رأسها قفة الملاح التي تشكل تصاعداً يومياً في الأسعار.. والعامل أو الموظف ظل مرتبه كما هو، بينما الأسعار يومياً في ارتفاع، فهل سيصبر هذا الموظف أو العامل الفترة القادمة والدولار كاد أن يصل إلى شارع الستين كما يقال، والسيد وزير المالية رئيس الوزراء الذي علقت الجماهير عليه آمالها حتى الآن، لم نشهد أي انفراج في الأزمات.. فالخبز في حالة انخفاض للأوزان وفي حالة تجدد الصفوف بين الفينة والأخرى وكذا الحال بالنسبة إلى الوقود، فإذا انتهت صفوف الجازولين أطلت صفوف البنزين، وإذا انتهت صفوف البنزين حلت صفوف الصرافات الآلية، فنحن في حالة لهث يومي مع تلك الأزمات، والحكومة لا حل لها لأي واحدة من تلك الأزمات مما أدخل الإحباط في النفوس، وإذا استمر الحال بهذه الطريقة فلا نتوقع أن تكون الانتخابات كما تشتهي الحكومة، فالإقبال سيكون ضعيفاً سواء أصبح يومين أو ثلاثة، فالمواطن لن يقدم على الانتخابات وهو بهذه الروح غير المتفائلة، لذا لا بد أن تراجع الحكومة نفسها وأن تبدأ التصالح مع الجماهير وأن تعمل على تفتيش الأسواق أس المشكلة الاقتصادية الآن، فإن نجحت ربما يكون هناك بصيص أمل في رفع نسبة التصويت، والتزوير الذي تخشاه الأحزاب المقاطعة سيحدث إذا شعرت الحكومة أن النسبة ضعيفة ولا تتناسب مع وضعها وهي التي حكمت ثلاثين عاماً هل ترضى بهذه النسبة المتواضعة، بالتأكيد لا، فأقرب وسيلة هي التزوير لرفع النسبة إلى (90%) أو أكثر من ذلك كما كان يحدث إبان الحكومات العسكرية السابقة التي درجت على أن تكون النسبة (99%) ومن ثم تخرج الجماهير فرحانة بأن القائد حصل على تلك النسبة غير الحقيقة التي زورها له أصحاب المصالح والمطامع، فالفرصة ما زالت مواتية لقيام انتخابات حرة وشفافة ونزيهة إذا تنازلت الإنقاذ من هذا التعنت في مواقفها مع خصومها، فقيام انتخابات ديمقراطية يشجع الآخرين على مشاركتها بدلاً من مقاطعتها.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق