ولنا رأي

هل تنجح المقاطعة؟!

صلاح حبيب

دعت جهات إلى مقاطعة اللحوم بكل أنواعها ولكن السؤال: هل تنجح المقاطعة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، أشك أن المواطن السوداني يكون على قلب رجل واحد، فالغلابة من المواطنين أصلاً مقاطعون من غير مقاطعة، فكم ينال الموظف أو العامل راتباً شهرياً حتى يتمكن من شراء لحم بمائة وثمانين جنيهاً، وكم يتقاضى هذا العامل البسيط لكي يفي باحتياجات أسرته المكونة من ولدين وأم، والولدان أو الولد والبنت فقط، في المراحل الدراسية المختلفة، إن المقاطعة سبق وأن أعلنتها حماية المستهلك ولكن هل أتت تلك المقاطعة بالفائدة وانخفضت الأسعار أم ارتفعت أكثر من الأول، في السودان لا يمكن أن تنجح أي مقاطعة، لأن أغلب المالكين للمال حصلوا عليه بسهولة ويمكنهم أن يبذروه بسهولة، لذلك حينما تدخل السوبر ماركتات لا تعتقد أن في السودان أناساً لا يستطيعون العيش، ولا تدري من أين أتى هؤلاء بهذا المال الذي يجعلهم يأخذون كل شيء دون اكتراث للسعر، ولا تعرف هل هؤلاء يعيشون داخل البلاد وكم يتقاضون من المال في اليوم أو في الشهر أو في الأسبوع، المعادلة صعبة جداً، ناس أغنياء حد التخمة، وناس بسبب الفقر لم ينالوا وجبتين في اليوم، لذلك إذا لم يتساوَ السودانيون في الغنى أو الفقر فلن ينصلح الحال، لأن الغلابة إذا أرادوا أن ينفذوا مثل هذه الإضرابات، فهناك ممن حصلوا على المال بالطرق غير الشرعية سيفسدون عليهم كل الخطط التي يقومون بها.
في إحدى الدول الأوربية قيل إن بعض الشركات التي كانت توزع البيض زادت السعر فلساً أو مبلغاً بسيطاً ولكن ماذا فعل المواطنون نتيجة تلك الزيادة، لقد أجمع الكل على مقاطعة شراء البيض وحينما بدأت الشركة في تلقي الخسارة، عادت إلى السعر القديم ولكن المواطنين استمروا في المقاطعة فخفضت الشركة السعر من جديد والمواطنون مستمرون في المقاطعة إلى أن تكبدت الشركة خسائر كبيرة ومنذ تلك الفترة لم تعمل أي شركة على رفع أسعارها بدون أي مبررات، فالآن لم تكن الزيادة في سعر لحم الضأن أو العجالي، بل الزيادة حتى طعام المساكين الأرز والعدس ارتفعت أسعارها بصورة جنونية لم يتوقعها أحد، لذلك فالمقاطعة يجب ألا تكون على اللحوم، بل يجب أن تمتد المقاطعة في كل شيء حتى الخضار الذي يزرع في السودان أصبحت أسعاره عصية على البسطاء والمساكين، فالدولة لم تتحرك لوقف هذا التصاعد في الأسعار رغم أنها ظلت تتحدث كثيراً عن معاش الناس، مما اعتبر المواطن أن الحكومة تخدعه أو تخدره بالحديث المعسول الذي يصدر من قياداتها، إن الدولة إن كان يهمها معاش الناس لما وصل الحال إلى ما وصل إليه، بدءاً بالعام الدراسي وتجددت مآسي الأسر التي لم تستطع الإيفاء بمتطلبات أبنائها من مصاريف دراسية وصلت إلى أرقام فلكية، وكتب وكراسات وكل مستلزمات الدراسة أصبحت من المستحيلات لأسر لها أكثر من طالب وطالبة بالمدارس والجامعات، والدولة أيضاً تقف عاجزة في اتخاذ أي قرار ينصف الغلابة والمساكين من جشع التجار الذين يزايدون في الأسعار وبضاعتهم في المخازن أو في الأرفف. إن المقاطعة التي دعت لها بعض الجهات لن تقدم أو تؤخر فيما نحن فيه الآن، لذا عليهم أن يبحثوا عن طريقة أخرى أكثر فائدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية