*مراقبون يرجحون أن إبعاد “الصادق المهدي” تم لحسابات تخص مصر
*هل طلبت "الخرطوم" من "القاهرة" عدم استقباله؟
“الطيّب زين العابدين”: موقف الحكومة السودانية لم يكن معادياً لـ”المهدي”!
الخرطوم – وليد النور
في خطوة غير متوقعة، رفضت السلطات المصرية لرئيس حزب الأمة القومي ورئيس تحالف قوى نداء السودان، الإمام “الصادق المهدي” دخول أراضيها، وفي ذات الوقت سمحت لكريمته نائب رئيس الحزب، د.”مريم الصادق المهدي” وسكرتير الإعلام الخاص بمكتبه بالدخول، بيد أنهما رفضا، وفضلا المغادرة مع الإمام الذي يمم وجهه شطر العاصمة البريطانية لندن، وظل الإمام “الصادق المهدي” يتخذ القاهرة مقراً لإقامته الاختيارية لفترات طويلة جداً، بيد أن هذه المرة، تعتبر الأولى التي تمنع السلطات المصرية المهدي من الدخول إلى أراضيها، ربما اختلفت الأسباب، لكن خبراء يستبعدون طلب الخرطوم من القاهرة إبعاد “المهدي”، رغم رفض الحكومة لتوصيات مؤتمر برلين، ورجح آخرون أن الإبعاد تم لحسابات تخص مصر، لا سيما أن “المهدي” يترأس منتدى الوسطية العالمية الذي يضم بعض قيادات الإخوان المسلمين الذين تعتبرهم الحكومة المصرية مجموعة إرهابية.
}قرار تعسفي
وقالت نائبة رئيس حزب الأمة، ونائب الأمين العام لتحالف نداء السودان، دكتورة “مريم الصادق المهدي” في بيان لها أمس (الأحد)، إن “السلطات المصرية رفضت ليلة الثلاثين من يونيو، دخول الإمام الصادق المهدي إلى أراضيها عند عودته من اجتماعات في العاصمة الألمانية برلين، بين الحكومة الألمانية وقادة قوى نداء السودان”.
وقال البيان إن قرار الرفض “قرار تعسفي سوف يغرس إسفيناً غائراً في مستقبل العلاقات السودانية المصرية”.
}شأن مصري بحت
يقول مدير معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية بجامعة الخرطوم، البروفيسور” الطيّب زين العابدين ” في تعليقه لـ(المجهر) حول قرار السلطات المصرية برفض دخول رئيس حزب الأمة القومي ورئيس قوى نداء السودان لمصر، إن موقف الحكومة السودانية لم يكن معادياً لـ”الصادق المهدي” لا سيما خلال الفترة الأخيرة عقب زيارة وفد من المؤتمر الوطني واجتماعاته مع “المهدي” بالقاهرة، وإصدارهم بياناً مشتركاً، ويشير البروف إلى أن الحكومة السودانية تفضل وجود “المهدي” في الخرطوم، ويستبعد أن تتعامل الحكومة السودانية مع “المهدي” بردة الفعل بعد توصيات مؤتمر برلين أو اعتقاله حال عودته للخرطوم.
ويرجح “زين العابدين” أن يكون قرار الرفض صادراً من الحكومة المصرية مجاملة للحكومة السودانية، عقب إعلان الحكومة السودانية رفضها توصيات مؤتمر برلين.
}منتدى الوسطية
ويتابع البروفيسور “الطيّب” القول إن “المهدي” يرأس منتدى الوسطية الذي يتخذ من الأردن مقراً له، ويضم في عضويته عدداً من قادة تنظيم الإخوان المسلمين، فضلاً عن أن المهدي ظل يقدم نصائح للحكومة المصرية بعدم استخدام العنف مع جماعة الإخوان المسلمين المعتقلين.
وأوضحت كريمة “المهدي”، دكتورة “مريم” حسب بيانها أمس، أن السلطات المصرية كانت قد طلبت من رئيس حزب الأمة القومي ورئيس تحالف نداء السودان، ألّا يشارك في اجتماعات برلين الخاصة ببحث مسارات الأزمة السودانية، الأمر الذي رده مبدأً قبل الحيثيات، إذ أن الإملاءات الخارجية أسلوب مرفوض رفضاً باتاً، لا سيما والرحلة متعلقة بمستقبل السلام والديمقراطية في السودان”.
وتأسس تحالف “نداء السودان” في نوفمبر 2011، ويضم قوى سياسية وأخرى حاملة للسلاح.
}إجراء غير مسبوق
ويشمل التحالف قوى أبرزها حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني والحركة الشعبية ـ شمال، وحركة تحرير السودان ـ قيادة “مناوي”، وحركة العدل والمساواة بزعامة “جبريل إبراهيم”، ومبادرة المجتمع المدني، إلى جانب قوى أخرى.
وقالت “مريم” إن “هذا الإجراء غير المسبوق لم يراعِ تقاليد الدولة المصرية ولا أعراف الشعب المصري ولم ينظر بعين الاعتبار إلى مكانة ورمزية الإمام الصادق المهدي كآخر من انتخبه الشعب السوداني في انتخابات حرة ممثلاً شرعياً له، وكرئيس لنداء السودان، ورئيس لحزب الأمة القومي وإمام للأنصار ورئيس لمنتدى الوسطية العالمية”، وتابعت “الإجراء لم يقدّر دوره المشهود في ترسيخ معاني الحرية والسلام والإخاء، ولا علاقاته الممتدة والواسعة تواصلاً مع المجتمع المدني والسياسي والأكاديمي المصري، وكلها معانٍ لا يجوز التضحية بها من أجل ترضيات للفئة الحاكمة الآفلة في السودان”.
واعتبرت أن الإجراء الرسمي المصري يهدف لإرضاء حكومة الخرطوم، وسيثير سخطاً شعبياً في السودان ومصر.
وعلى إثر اختيار تحالف “نداء السودان”، “المهدي” رئيساً في مارس الفائت، دونت السلطات السودانية بلاغات ضد “المهدي” تصل عقوبة بعضها للإعدام بتوجيهات من الرئيس “عمر البشير” الذي اتهمه بالتواطؤ مع حملة السلاح، لكن “المهدي” قال إنه غير آبه بهذه الإجراءات، واعتبرها “كيدية” ورهن عودته للسودان بـ”إنجاز مهام وطنية”.
}العودة الاختيارية
وفي يناير 2017 عاد زعيم حزب الأمة القومي بعد غياب استمر ثلاثين شهراً أمضاها في العاصمة المصرية القاهرة، التي اتخذها حينذاك، أيضاً منفى اختيارياً منذ أغسطس 2014، بعدما اعتقلته السلطات لنحو شهر في مايو من العام ذاته.
وأكد تحالف نداء السودان في بيان (الجمعة) الماضي، أن مجلسيه الرئاسي والتنفيذي سيجريان مشاورات مع جميع القوى المعارضة في المجتمعين السياسي والمدني “للعمل على تحقيق آمال شعبنا في سلام شامل وتحول ديمقراطي حقيقي”.
وانعقد يوم (الجمعة)، التاسع والعشرين من يونيو المنصرم ببرلين، اجتماع بين تحالف قوى “نداء السودان” والخارجية الألمانية لمناقشة انتخابات 2020، وقضايا الحرب والسلام في البلاد، وخارطة الطريق الأفريقية.
وبحسب البيان فإن وفد “نداء السودان” التقى بالعاصمة الألمانية، الجانب الألماني، و”بعد نقاش مستفيض عرض الوفد الألماني مبادرة لتحريك الحل السلمي الشامل، وحل المعضلات التي تواجه خارطة الطريق، بالتنسيق الكامل مع الآلية الأفريقية الرفيعة وشركائها، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج (الترويكا)، وفرنسا والأمم المتحدة من أجل وقف وإنهاء الحروب في السودان وتحقيق السلام الشامل والتحول الديمقراطي”.
}تطوير المبادرة
وأكد بيان التحالف أنه سيتم تطوير المبادرة مع كافة أطراف النزاع.
وأشار إلى أن الاجتماع تم بدعوة من الحكومة الألمانية ومعهد بيرقهوف، حيث التقى وفد من المجلس الرئاسي والتنفيذي لنداء السودان بالحكومة الألمانية ومعهد بيرقهوف.
وضم وفد التحالف “الصادق المهدي” رئيس نداء السودان، الأمين العام “مني أركو مناوي”، ونواب الرئيس “مالك عقار” و”عمر الدقير” و”جبريل إبراهيم”، و”حامد علي النور”، ونائبة الأمين العام “مريم الصادق المهدي”، ومسؤول العلاقات الخارجية “ياسر عرمان”.
وشدد “نداء السودان” في بيانه، على أن الحل السلمي الشامل المتفاوض عليه أحد أهداف التحالف، وأحد وسائله لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي، مشيراً إلى أن “انسداد الأفق الحالي سببه رفض النظام للحل السلمي الشامل”.