أعلنت وزارة الداخلية عن التوصل إلى الذين قاموا بكشف مادة الكيمياء في امتحانات الشهادة السودانية للعام 2018 وأحيل الملف إلى النائب العام ولكن إذا سلمنا جدلاً أن الجناة وقعوا في قبضة الأجهزة الشرطية أن كانوا تلاميذ أو أساتذة ما هي العقوبة التي ستطال أولئك اللصوص من الطرفين؟ وهل سيتم حرمان التلاميذ نهائياً من دخول أي امتحان؟ وما مصير أن كان من بين الذين تم القبض عليهم من الطاقم التعليمي؟ كيف سيتم التعامل معه؟ وهل سيحرم نهائياً من التدريس أم ستكتفي الجهات الشرطية بإيقاع العقوبة أيا كانت سجن أو غرامة؟، لأول مرة في تاريخ الشهادة السودانية تكشف السُلطات عن المتهمين بتلك الفعلة الشنيعة التي لا يرضاه أي معلم أو تلميذ لنفسه، إن كشف الامتحانات التي أصابت الشهادة السودانية دائماً نجد هناك تستراً لمن قاموا بارتكابها ولم نسمع في كل الحالات التي تم كشفها أن تمت معاقبة المتهمين ولم نسمع أن الأستاذ الفلاني الذي شارك في كشف الامتحان حُرِم من التدريس مدى الحياة، وكذلك الطالب أو الطلاب الذين سمحوا لأنفسهم الغش والنجاح بتلك الطريقة التي تعد أشبه بالسرقة.
في تاريخ الشهادة السودانية وقعت تقريباً أربع حالات كشف للامتحانات أولها في العام 1972 وأخرى في بدايات العام ألفين والعام تقريباً قبل الماضي وهذا العام، ولكن إذا رجعنا إلى الحالات القديمة وسألنا الجهات المسؤولة هل تمت معاقبة الذين قاموا بالكشف أن كان على مستوى الأساتذة أو الطلاب أو أي جهة أخرى سهلت أو عملت على الكشف، لم نسمع في كل وسائل الإعلام أي عقوبات تمت ولا حتى حالة الكشف التي كانت ملء السمع والبصر العام قبل الماضي، وكشفت للطلبة الأجانب ولم نعرف ما هو مصيرهم وما هو مصير الذين ساعدوهم في ذلك، لقد كانت الشهادة السودانية توزن بالذهب ولكن يبدو أن الحالة الاقتصادية الضاغطة أغرت أصحاب النفوس الضعيفة واعتبروا عملية الكشف بسيطة وما فيها شيء، ولكن لا يعلم أولئك أن عملية الكشف تؤثر على بقية الطلبة الذين يسهرون الليل بالنهار من أجل الحصول على الدرجات التي تؤهلهم إلى دخول الجامعة وهي الجامعة الوحيدة التي يتمناها أي طالب وأي أب أو أم وهي جامعة الخرطوم أم الجامعات السودانية، فإذا كانت المنافسة ليست شريفة وتحصل أولئك الطلبة على الامتحان محلولاً والتحق أولئك بجامعة الخرطوم بتلك الخدعة وخرج من المنافسة الشرفاء، هل يمكن أن تعتمد الدولة على هؤلاء الغشاشين في إدارة دفتها إذا تخرجوا؟ هل نأمن طبيباً دخل الجامعة بالغش في علاج المرضىى أو هل نأمن مهندساً أوكل إليه بناء العمارات الشاهقة؟.. أن حالة الغش التي تم كشفها من فبل الأجهزة الشرطية وأعلنتها وزارة الداخلية ينبغي أن يكون العقاب رادعاً لكل من تثبت إدانته في ذلك حتى يكونوا عظة لغيرهم، فإن لم تفعل الجهات العدلية على ذلك فإن عملية الإغراء ستكون مستمرة وعملية الكشف ستستمر طالما لم يكن هناك قانون رادع أو ضمير يصحو من غفوته، لذا نشد على أيدي الأجهزة الأمنية والشرطية التي توصلت إلى الجناة في أسرع وقت، ويجب أن تتم معرفة بقية المواد الأخرى هل تم كشفها مع مادة الكيمياء أم هي الوحيدة التي كشفت؟، فالحرامي لا يسرق شيئاً واحداً.