المواطن قال الروب!!
على الرغم من الكلام الكثير الذي تقوله الدولة إنها تهتم بقفة الملاح وهموم المواطنين، ولكن على أرض الواقع لم نشاهد أي اهتمام، فالسوق يغلي ووزارة المالية كل يوم تسحق في المواطن، فلم يبقَ له شيئاً يقف عليه، فالدولة التي كانت تتحدث عن إنقاذ المواطن ووقف الصفوف وتوفير السلع الأساسية، الآن بدأت تظهر الصفوف في الخبز الذي أصبح أرغفه في التقليص من حيث الوزن والعدد، فإلى وقت قريب كانت الأرغف الست بجنيه ثم تقلص إلى أربع ثم إلى ثلاث ثم إلى اثنين، وربما إلى واحدة خلال الأيام القليلة القادمة، طالما ظهرت صفوف الخبز في كل المخابز ولم نستثنِ مخبزاً واحداً بالعاصمة من تلك الصفوف المتراصة عند المساء، وربما وجود تلك الصفوف لاتخاذ قرار بزيادة السعر على أن تصبح الرغيفة الواحدة بجنيه أو اثنين جنيه، وهذه سياسة اتبعت منذ فترة لخلق أزمة وعندما تتوفر السلعة وبسعر أعلى الواحد يحمد الله أن السلعة موجودة ولكن بزيادة، وكل الزيادات التي حدثت كانت هكذا ولكن إلى متى يتم عصر المواطن المسكين والغلبان والدولة ليست لها رؤية أو طريقة للحل فقمت بجولة في السوق فوجدت كل السلع تضاعف سعرها ربما أكثر من ثلاثمائة بالمائة عن السعر السابق، فقبل فترة كنا ننتظر رفع العقوبات الظالمة على البلاد والعباد والتي استمرت لما يقارب العشرين عاماً ولكن يبدو أن فترة الحصار الاقتصادي كانت أفضل من بعد الرفع فالدولة الآن في حالة صمت شديد ووزير المالية لم يأتِ بجديد ولا ادري أين أهل الاقتصاد وأين رؤيتهم في حل هذا الإشكال وهل الدولة ستترك السوق هكذا وللتجار يعملون في المواطن ما يريدون فلا أظن أن الأسر المتعففة سوف تصبر أكثر من ذلك وكل الصناديق التي أقيمت لمعالجة ظروف تلك الأسر لا أظنها تستطيع أن تعالج أسرة واحدة وهل مليون أو اثنين أو ثلاثة ملايين ستحل مشكلة أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص بدون العلاج والتعليم، إن الوقع في غاية الخطورة فإن لم تتدخل الدولة بصورة مباشرة. فالسرقات ستكون على مرأى ومسمع بل عملية القتل ستطال الكثيرين فالفقر لا يرحم ولكي يعيش المواطن يمكنه أن يعمل أي شيء فحتى لا يضطر الناس إلى تلك الطريقة فلابد أن تتدخل الدولة وبأسرع ما يمكن لإيجاد حل أو بدائل لمعالجة حالة الاقتصاد المتراجع إلى الوراء أكثر من تقدمه ولن تعجز الدولة في اختيار الطريقة التي يمكن من خلالها الوصول إلى الحل، فالتجار الذين يحفظون أموالهم بالخارج أو يعملون على المضاربة بالدولار، يمكن أن تستدعيهم الحكومة للتفاكر حول إيجاد الحل بدلاً من تلك القوانين المتعسفة التي اتخذتها فأدت إلى مزيد من التعقيد وتفاقم المشكلة أكثر من الحل، فالإمام “الصادق المهدي” وهو رئيس الوزراء في الديمقراطية الثالثة قال لقد هزمني السوق، وحتى لا يهزم السوق الحكومة لابد أن تجلس مع أهل السوق الذين عاشوا كل عمرهم فيه ويعرفون مداخله ومخارجه وإذا صفيت النية بين الجانبين بالتأكيد ستصل إلى الحل كما وصلت الحكومة إلى حل مع الحركات المسلحة، وعاد عدد كبير من منسوبيها إلى حظيرة الوطن، وأصبحوا جزءاً منه وهم الآن يساهمون في علاج كثير من المشاكل بولايات السودان المختلفة فالآن جاء دور التجار للقيام بدور إيجابي في علاج المشكلة التي اعتقد أنها بسببهم وإلا لماذا اشتعل السوق خلال فترة قليلة إلى هذه الدرجة؟ ولماذا تصاعدت كل الأسعار أضعاف عما كانت عليه؟.