دارفور يحميك الله!!
يشكِّل السلاح بدارفور هاجساً للدولة، ولذلك اتخذت قراراً بجمعه بالحسنى، وأن أبدت الأطراف الأخرى استخدام العنف وشكَّلت لجنة عليا لذلك برئاسة الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” نائب رئيس الجمهورية، وأجرت اللجنة العديد من اللقاءات، بل سافرت إلى المناطق المختلفة بدارفور واستجاب البعض للجمع طوعاً ما عُد أن نجاحاً قد بدا في العملية، ولكن القوى الأكبر والتي تشكِّل خطراً على الحكومة هي مجموعة “موسى هلال”، و”موسى هلال” لم يكن بعيداً عن الحكومة والمؤتمر الوطني، فقد ساهم في فترات سابقة في مطاردة الفلول الدخيلة على الدولة بالمناطق الحدودية، إلا أن الدولة لم تستثن أحداً من جمع السلاح، ولا أظن أن “هلال” رفض مبدأ التسليم، ولكن التطوُّرات الأخيرة قد أربكت الحسابات، أن كانت على مستوى “موسى” أو الدولة نفسها التي لم تكن تعلم بالتطوُّرات التي حدثت والأحداث الدامية التي راح ضحيتها نفر من أبناء الوطن، فدارفور التي يراد لها أن تكون جنوب ثانٍ دقت طبول الحرب لتأجيج الصراع فيها، أن كان على مستوى الدعم السريع الذي يقوده “حميدتي” أو “موسى هلال”، وهما في النهاية أبناء عمومة، وأي فتنة ستطالهما الاثنين، إذا ما اندلعت المعارك بينهما، ولذلك ما جرى أمس الأول، بمستريحة يجب ألا يتمدَّد ليكون خصماً على الجميع، وخيراً فعل السيد الرئيس حينما طالب بعدم اعتقال “موسى هلال” أو تعرُّضه لأي أذى، بل طالب أن ينقل إلى منزله بالخرطوم ويوضع تحت الإقامة الجبرية إلى حين انجلاء الموقف، فدارفور ليست في حاجة إلى صراع بعد أن هدأت العواصف ووقفت الحرب والقتال بين أبناء دارفور أنفسهم. فدارفور منذ أن اندلعت الحرب فيها في العام 2003م، تقريباً، الخسارة لم تطل جماعات خارجها، فأبناء دارفور كانوا يقتلون في أنفسهم وفي أهلهم، بل شرَّدوا الكثيرين بسبب الحرب اللعينة والتي لم تجن دارفور منها غير الخراب، ولذلك لم يتعظوا مما حدث للجنوب، فأبناء الجنوب هم من دمَّروا الجنوب خاصة المثقفين الذين عشعش في رؤوسهم أن الشمال استأثر بكل شيء وهم يعيشون حالة التهميش على الرغم من البسطاء منهم كانوا يعيشون مع الشماليين ولم تحدِّثهم أنفسهم بما يقوله المثقفون الذين دفع الشمال دم قلبه ليعلمهم وليوظِّفهم، بل وضعهم في أماكن لو كان الشمال فعلاً يمارس التهميش عليهم لما نالوها، ودق المثقفون على وتر الانفصال مع المجتمع الدولي ومع المنظمات إلى أن حانت لحظة صغر الانفصال، ولكن ماذا حدث بعد الانفصال، لقد انتفخت جيوبهم بمال المنظمات والمجتمع الدولي، بينما نال المهمَّشين منهم السراب، وها هي دارفور لم تتعظ لما حدث للإخوة الجنوبيين، فطبول الحرب مازالت تدق هنا وهناك، ولكن العاقل من اتعظ بغيره، فهناك جهات تدفع لكي لا يستقر السودان وتأتي الضربة من دارفور بعد أن ذهب الجنوب، ولكن أبناء دارفور عليهم واجب كبير تجاه الوطن أولاً، ثم أهلهم ثانياً، لأن الحرب قد حصدت الأبرياء من أبناء دارفور، ولو استمرت ستقضي على الباقي، وحتى نوقف نزيفها لابد من الجلوس مع قياداتها وأعيانها، شراتيها وإداراتها الأهلية والحكماء منهم حتى لا تضيع دارفور ذات الإرث التاريخي وذات الإمكانيات الهائلة من المعادن التي تسعى لها تلك القوى التي لا تريد للسودان أو دارفور أن يستقر، فـ”موسى هلال” بحكمته يجب أن يستفيد من تجارب الماضي، وأن يمد يده للجميع من أجل تنمية واستقرار دارفور.