السودان والتحالفات الدولية والإقليمية
يرى بعض المراقبين أن زيارة رئيس الجمهورية، المشير “عمر البشير” إلى روسيا فيها فتح كبير لعلاقات دولية مع القطب الروسي في ظل التذبذب الأمريكي ومحاولة هيمنته على المنطقة وتدخله في شؤون الدول الأخرى، فالسودان ظل يحاول بناء علاقات إقليمية ودولية، ولكن في كل فترة نجد أن تلك العلاقات اصطدمت بمصالح آخرين، فتفتر العلاقة مع تلك الدولة دون أي أسباب واضحة لذلك الفتور، ففي بداية الإنقاذ وفي ظل الحصار المفروض على السودان، حاول السودان أن يبني علاقات مع إيران، وبدأت العلاقات بين البلدين وبدأت رؤوس الأموال الإيراني تدخل البلاد في مجالات مختلفة، وسعدت إيران بتلك العلاقة كما سعد السودان أيضاً، ولكن شهر العسل لم يدُم طويلاً بين الطرفين وأصبحت العلاقات فاترة، إلى أن جاءت مرحلة الصراع مع دول الخليج وإيران، وكان السودان كبش فداء في ذلك التوتر، فصدرت قرارات بإغلاق المكاتب الثقافية الإيرانية بالخرطوم بسبب أن تلك المكاتب تعمل على النشاط الشيعي، فلم يتريث السودان في تلك الخطوة قبل إغلاق تلك المكاتب، ومن ثم بدأت العلاقات بينه ومصر في حالة شد وجذب عندما حاول أن يقف مع الطرف الآخر من نظام الحُكم بعد الربيع العربي فتوترت العلاقات، وحرَّكت مصر ملف حلايب، وبدأت تضغط عليه حتى يغير موقفه من النظام الذي حل بأرض الكنانة، ولكن يبدو أن القيادة في البلاد امتصت غضبة الإخوة المصريين ولم تجاريهم فيما هم فيه، لأن مصر كانت تريد أن تضغط حتى ولو دعا الأمر إلى تغيير النظام، ثم جاء ملف سد النهضة فظنت القيادة في مصر وإعلامها أن السودان يقف إلى جانب إثيوبيا وإن البلدين اتفقا على أخذ حصة مصر من المياه، فأرادت مصر أن تحرك ملف الإخوة الجنوبيين وبدأت في استضافتهم، ولكن أيضاً هدأت القيادة السودانية من الموقف فلم تجاريهم ولم تجارِ إعلامهم الذي بدأ يصب الزيت على النار، وحاول أن يشعل النار أكثر مما هي عليه مشتعلة ولكن الحكمة كانت حاضرة آنذاك فتراجعت القيادة المصرية حينما علمت أن السودان لا يريد أكثر من حصته في مياه النيل، وأن سد النهضة فيه فائدة للدول الثلاث، فالحصار المفروض على السودان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية جعله يبحث عن حلفاء في المنطقة وحاول أن يعالج أموره بالحكمة، ولكن يبدو أن هناك عدم تريث أو تخطيط مدروس لكل حالة من الحالات التي يضع فيها السودان، فالتحول من إيران إلى المملكة العربية السعودية، كلها لم تدرس بتأنٍ ولذلك عندما لعبت المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج دوراً في رفع الحصار، ظن السودان أن أموره سلكت، ولكن المتاريس ظلت باقية، ولكن من وضعها لا أحد يدري، فأمريكا رفعت الحصار ولكن لم ترفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهذا جعل السودان غير مطمئن لأمريكا، فلابد من البحث عن حليف جديد في المنطقة فكان الحليف روسيا، وكانت الزيارة التي وصفت بالتاريخية من قبل أهل روسيا أنفسهم، فهل يسلم السودان هذه المرة من المتاريس التي توضع في طريقه ومع الأحلاف التي يقوم بها، فروسيا ربما ليست لها أطماع كما أمريكا.. ولا أظنها تتدخل في شؤون الدول الأخرى، فنحن في حاجة إلى حلف قوي نسانده ويساندنا في ظل الصراع المضروب على المنطقة.. فنأمل أن تكون تلك الخطوة فيها مصلحة السودان من أجل استقراره وتنميته.