ولنا رأي

ثم ماذا بعد إطلاق الأسرى؟

أطلقت الحركة الشعبية منسوبي الحكومة الذين أسرتهم في حربها الفترة الماضية، وقابلت الحكومة مبادرة الشعبية بالمِثل، فأطلقت سراح منسوبيها كذلك، ولكن ما هي الخطوة القامة بعد إطلاق سراح أسرى الطرفين. الحرب عمرها ما كانت حلاً لمشاكل السودان، وقد شهدنا كيف استمرت الحرب بين الجنوب والشمال لأكثر من خمسين عاماً، راح ضحيتها العديد من أبناء الوطن الواحد، لا نقول الجنوبيين ولا الشماليين، ولكن هم أبناء هذا الشعب الذي أجج الصراع فيه دوائر خارجية بمساعدة أبناء الوطن الذين يظنون أن ظلماً قد وقع عليهم من المركز، ولكن أن كان هناك ظلم أو تهميش لمناطق السودان المختلفة قد وقع، ما هو الدور الذي قام به أبناء تلك المناطق؟. بالتأكيد بعد أن حصل أولئك على المراكز الرفيعة في الدولة – المؤسسات العسكرية – لشخص الدكتور “جون قرنق” الذي قاد التمرد في العام 1983م، فماذا فعل “قرنق” لأبناء الجنوب؟، لقد أخذ العديد منهم، وعندما قاد الحرب على الحكومة، من الذي تأثر بالحرب، أبناء الجنوب أم الحكومة؟. لقد مات العديد من أبناء الجنوب، وتشردوا في دول الجوار، وفقد الجنوب التنمية بسبب الحرب، إلى أن عاد الرشد وصوت العقل لـ”قرنق” وغيره من أبناء الجنوب، وجلسوا في طاولة المفاوضات التي أفضت إلى السلام الذي استمر لمدة ستة أعوام، بعدها نادى الإخوة الجنوبيين بالانفصال، ونالوا ما أرادوا، ولكن أين هم الآن بعد الانفصال؟. دخلوا في حرب طاحنة أدت إلى مجاعة في كل المنطقة، فهرب من هرب ومات من مات، وبقى آخرون بين الموت والحياة، إذن مشكلة الحرب في البلاد قادها المتعلمون من أبناء الوطن، أن كان في الجنوب أو دارفور الآن، فحرب دارفور يقف وراءها المتعلمون والمثقفون منذ أن شن “بولاد” الحرب على المركز، وفقد نفسه ومنطقته، وكذا الحال بالنسبة لـ”خليل” و”عبد الواحد” و”جبريل”، ومعظم مثقفي أبناء دارفور لم يعملوا من أجل تنمية مناطقهم بالحجة والمنطق مع الحكومة، ولكن حمل السلاح لم يقدم شيء لأهلهم غير الخراب والدمار، والآن انفتحت طاقة جديدة لعلاقة بين الطرفين، يمكن إذا حكَّم الناس صوت العقل يمكن أن تحل معظم المشاكل، والفرصة التي جاءت بإطلاق سراح الأسرى يمكن أن تقود إلى علاقة أقوى من أجل البناء والأعمار بدلاً من استخدام الآلة الحربية التي عمرها ما كانت حل لأي مشكلة لا في السودان ولا في أي دولة أخرى، الآن وبعد هذه الروح الطيبة يمكن أن تجلس الحكومة مع الطرف الآخر، أن كانت الروح فعلاً من أجل الوطن، الجميع مهتم  الآن بقضاياه، وحمل البندقية، أصلاً، من أجل إعادة الحق، ولكن طالما البندقية لم  تصل إلى الحل، يمكن أن تتبع وسيلة أخرى للحل، وهي الجلوس على طاولة التفاوض، وهي الوسيلة الناجعة، وقد جربت مع الإخوة الجنوبيين، وتم التوصل في النهاية إلى الحل، أياً كان شكله ونوعه، المهم ابتعدت البندقية وسادت روح جيدة في التفاوض. الآن الإخوة في حركات دارفور بعد تبادل الأسرى يمكن أن يجلس الجميع بالداخل أو الخارج للوصول للحل النهائي للمشكلة، فالسودان وطن يسع الجميع وليعمل كل من أجله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية