لمصلحة من الصراع في سوريا؟
وأشعلت الحرب في سوريا منذ عدة سنوات وكادت أن تلحق بدول الربيع العربي الذي حدث فيها تغيير الأنظمة الحاكمة منذ عشرات السنين، ولكن سوريا كانت حالة خاصة أو نادرة من دول الربيع العربي، فلم تنكسر القيادة تحت رئاسة “بشار الأسد” والسبب التدخلات الأجنبية من حزب الله وإيران، وأخيراً روسيا التي استخدمت أنواع شتى من الأسلحة كان بسببها إزهاق العديد من أرواح أبناء الشعب السوري، كما هاجر عدد كبير منهم إلى الدول الأوروبية والعربية يقاسون الوحدة والذل والهوان.
إن الصراع على كرسي السلطة يعمي أحياناً الطامعين فيه ولا يهمهم أن حصدت الأرواح البريئة بتلك الآلة الفتاكة، ونشهد كل ذلك يحدث في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عموماً، ولا نجده في أوربا أو الدول المتقدمة التي انتهجت الديمقراطية وسيلة لتداول السلطة فيها، فسوريا دمرها أبناؤها من خلال تدخل القوى الأجنبية المساعدة في تنصيب هؤلاء على تلك، وبالأمس جرت مفاوضات في الاستانة لطي الملف السوري من خلال لقاء الحكومة والمعارضة، ولكن يبدوا أن هذا الملف لن يطوى بين ليلة وضحاها، فالمعارضون لا يقبلون بما تطرحه الحكومة من حل، والحكومة لا تقبل بما تطرحه من حل، والاختلافات دائماً حول أمور صغيرة لو اتفق عليها الطرفان كان بالإمكان الوصول إلى الحل النهائي، ولكن هؤلاء الطامعين في الحكم لا ينظرون إلى تقدم المفاوضات، ولكن ينظرون إلى أخذ كل الكيكة أن كانت الحكومة أو المعارضة، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هذا الدمار والخراب الذي يحل بالدولة محل الخلاف، ولماذا ارتكاب هذه الجرائم والإبادة للأبرياء من المواطنين؟. لماذا لا يتفق الناس على صيغة للحكم بدلاً من الاستعانة بالأجنبي الذي لا ينظر إلا لمصلحته؟. فما هي الفائدة التي تجنيها سوريا من التدخل الإيراني، أو التدخل الروسي؟. وزير الخارجية الروسي في تصريح له أمس، قال: لو لا التدخل الروسي لسقط النظام السوري خلال أسبوعين، وهذا يؤكد أن هناك مصلحة من قبل الروس في سوريا، وإذا كانت هناك عداوة بين روسيا وإيران فينبقي ألا تكون على مصلحة سوريا وشعبها، فكل دولة لها سيادتها، وعلى أي دولة أخرى ينبقي ألا تتدخل في سيادة الدول، كما لا ترضى تلك الدولة التدخل في سيادتها، ولذلك على الحكومة السورية والمعارضة أن ينظروا إلى مصلحة وطنهم أولاً قبل الاستعانة بالأجنبي، لأن الأجنبي إذا مد لك يد العون والمساعدة اليوم سينتظر منك رد هذا الدين في وقت ما، وربما كلفك الرد الكثير، لذا مازال هناك بصيص أمل للحكومة والمعارضة في سوريا للوصول إلى اتفاق ينهي هذا الصراع ويعيد السيادة لها بدلاً من هذا التشتت.
إن دولة الاستانة ربما تكون مكاناً للحل طالما ارتضى الطرفان أن تكون مقراً لمفاوضاتهما، وإذا فشلت فلن تقف الحرب، بل ربما تتجدد بصورة أعنف وستكون الكلمة حينها للتدخل الأجنبي وليس للحكومة ولا المعارضة.