ولنا رأي

أشك في نجاح مساعي حماية المستهلك..!!

دعت حماية المستهلك المواطنين إلى مقاطعة اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والطماطم مناهضة للارتفاع الكبير في الأسعار.
إن ما تسعى إليه حماية المستهلك عمل نبيل، ومن أجل مصلحة المواطن، الذي اكتوى بنيران الأسعار التي لم تنطفئ ولن تنطفئ ما لم يُعد ضخ البترول من جديد أو يتم التوصل إلى سلام دائم مع دولة الجنوب، ولكن إذا ظل الحال كما هو حكومة الجنوب متعنتة في مواقفها، فتظل الدولتان في حالة معاناة، والمواطنون في معاناة أكثر.
 إن الطرح الذي قدمته حماية المستهلك الفترة الماضية في أول بادرة لمقاطعة اللحوم الحمراء بعد أن ارتفع سعرها أكثر من اللازم، وأصبح من الصعب على المواطن البسيط الشراء، تعد بادرة طيبة، ولكن هل حماية المستهلك لديها القدرة للصمود أمام جشع التجار؟ وهل لديها من الإمكانيات لمواجهة التجار بلحوم أقل سعراً أم أن العملية زخم إعلامي تعود بعده الأسعار لما كانت عليه أو ربما تزيد الأسعار أكثر عمّا كانت عليه؟!!.. وهذا وضح لنا من المقاطعة الأولى، التي تم تنفيذها بنسبة عالية جداً، واستجاب المواطن لتلك المقاطعة، ونفذها كما ينبغي أن تنفذ عليه، ولكن بعد الثلاثة أيام، هل استطاع المواطن أن يشتري كيلو لحمة الضأن بعشرين جنيهاً إذا كان سعرها قبل المقاطعة ثلاثين جنيهاً أو اشترى كيلو اللحم العجالي أو البقر بعشرة جنيهات إذا كان السعر قبل المقاطعة عشرين جنيهاً. إن سياسة المقاطعة لابد أن تتبعها سياسة أخرى في طرح البديل، بمعنى أن تكون لحماية المستهلك طرق بديلة تطرحها لهذه اللحوم، كما فعلها من قبل وزير التجارة إبان الديمقراطية الثالثة الدكتور “محمد يوسف أبو حريرة”، فاستورد كمية كبيرة من لحوم الجمال وطرحها بالأسواق لينخفض بها أسعار اللحوم التي ارتفعت آنذاك.. ولكن حماية المستهلك تعلم أن المواطنين جميعاً ليسوا كقلب رجل واحد، وإذا طالبت بالمقاطعة هناك من لهم المال يستطيعون الشراء بأي ثمن، فيؤدون إلى هزيمة تلك الفكرة النبيلة التي تقوم بها حماية المستهلك.
نحن شعب لن نستطيع أن نكون أشبه بشعوب الدول الأوربية التي تنفذ مثل تلك القرارات التي تستهدف مصلحة المواطن.. ولذلك، فإن حماية المستهلك لابد أن تدرس الوضع دراسة مستوفية قبل أن تطلق الحديث عبر الإعلام، وهي لا تملك فإذا استطاعت أن تملك كل الإعلام نستطيع أن نقول إن الخطة سوف تنفذ بنسبة 100%، ولكن الحديث تناقلته صحيفة أو صحيفتان، فلن يؤتي أكله، ولذلك فإن المقاطعة الثانية التي دعت لها لمقاطعة اللحوم البيضاء والحمراء والبيض والطماطم لن تؤتي أكلها، وربما ترتفع الأسعار أكثر عمّا كانت عليه.. نحن نستطيع أن نخفض الأسعار عن طريق الوفرة، فكلما كان وارد السلع من اللحوم والخضروات والفواكه كثيراً قلت الأسعار، ولن تحتاج إلى حماية مستهلك أو غيرها، وقد لاحظنا ذلك في فترة سابقة، فأحياناً يصل سعر كيلو الطماطم إلى خمسة عشر جنيهاً، وعندما يتوفر بكميات كبيرة، تشاهد التجار بأنفسهم يرفعون كل أصبعهم عن تدني السعر بالإصبعين أو الثلاثة، وأحياناً بالأصبع الواحد، ولاحظنا ذلك في أكثر من سلعة..
إن الذي يتحكم في السعر هو الوفرة، فإذا كان لدينا إنتاج وفير من أي سلعة، فإن سعرها بالتأكيد سينخفض، ولن تنجح سياسة حماية المستهلك ومقاطعتها طالما أن حماية المستهلك ليست لديها مزارع لإنتاج البيض واللحوم والخضروات، فلا تتعبوا أنفسكم، ففكروا في أمر ربما يكون أجدى وأنفع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية