ولنا رأي

ما بين ايجابيات وسلبيات السودانيين…!!

جوانب كثيرة مضيئة ومشرقة في الشعب السوداني، فمثلاً التكافل الاجتماعي يعد واحدة من ميزات السودانيين، وهي نادرة، وقليلة، وغير موجودة لدى شعوب العالم، ولكن ليس كل ما لدينا ايجابي، بل هناك سلبيات، فاعتقد أن (تكسُّر) الزوار تحت ظلال الأشجار بالمستشفيات لفترات طويلة، ليست ايجابية بقدر ما فيها رهق وتعب لأولئك الزوار، وأهل المريض، والمريض القابع داخل إحدى غرف المستشفيات، فعلاً محتاج إلى الناس، وهم يخففون عنه كثيراً من آلامه، بل أحياناً هذا المريض محتاج إلى المال لمساعدته في العلاج.
فيُحكى أن أهل منطقة من مناطق السودان المختلفة نُقل أحد أبنائهم إلى المستشفى، فتسابقوا لزيارته، (لوري.. وراء لوري، وحافلة.. وراء حافلة).. فالعدد كان كبيراً جداً، وعندما همّت مجموعة أخرى بالزيارة، قال أحدهم: يا جماعة، المريض في حالة إلى المال؛ ولذلك بدلاً من دخول كل تلك المجموعة، ودفع المبلغ لإدارة المستشفى، من الأفضل جمع مبلغ التذاكر وتقديمه لأسرة المريض.. وبالفعل نجحت الفكرة، إلا إن أسرة أخرى وبنفس المستوى، فعندما توفي أحد أفرادها، نبه شخص بدلاً من الذهاب وتكبيد المشاق من الأفضل أن يذهب ثلاثة أشخاص ويجمع المبلغ ويقدم لأسرة الميت.. يبدو أن أسرة الميت قد سمعت كلام الجماعة، وعندما وصل الوفد ورفعوا الفاتحة، فلم يقم أحد لأخذ الفاتحة، فكرروها، فالجماعة كلهم طناش، إلا أن رجلاً قام، وقال ليهم: وين باقيكم، فنحن لسنا بحاجة إلى المال الذي أتيتم به، فأعيدوه إلى أصحابه، وتعالوا لينا انتم.
هذا هو السودان حال السودان، بثقافاته المتعددة، وطيبة معشر أهله، مهما بلغ الحال، فمن الصعب أن يتنازلوا عن الكبرياء والعظمة؛ حتى ولو كانوا فقراء، وهذه أيضاً واحدة من ميزات أهل السودان.. أذكر خلال واحدة من الدول العربية التي زرتها في مهمة عمل رسمية، ولكن يبدو أن نشاطي داخل المؤتمر الذي عقد، لاحظ بعض الصحفيين هذه الحركة والنشاط وإجراء المقابلات وأخذ التصريحات من الوفود المشاركة في ذاك المؤتمر، فعرض عليّ العمل في إحدى المؤسسات الصحفية، لم أمانع، وتقبلت العرض، واتصلت إدارة المؤسسة الصحفية عند المساء، وطلبتني لمقابلتها، وبالفعل جلست معها، وبدأ التفاوض والمخصصات والراتب، وكل شيء أعد على أكمل وجه، وفي اليوم المحدد للذهاب إلى دولة مجاورة لإكمال الإجراءات، جاءني أحد المسؤولين مدعياً أن هناك مشكلة قد حدثت، عرفت الأمر، وقلت له ما في مشكلة، فقط امنحوني قيمة الفترة التي قضيتها في العمل معكم، اندهش الرجل، وتعجّب إنني لم أتوسل إليه، ولم أركع لأقبل يديه أو رجليه. فبدأ ينظر إليّ بتعجب واستغراب، فقال لي: والله أنت ممن قلت تريدني أن أخسر الآخرة بسبب هذه الأموال.. هكذا نحن لا نركع لأحد، ولا نتوسل لمخلوق مثلنا، وكل شيء بأمر الله، والمال رائح وغاد، وما يبقى إلا الكرامة والكبرياء، وتصبح ايجابياتنا أكثر من سلبياتنا، ولكن يجب أن ننظر للأمور بميزان العقل دون العواطف، فهناك أمور تحتاج إلى المراجعة؛ حتى تصبح ايجابية (مية المية).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية