مشكلة التلفزيون مالية وليست كادراً إعلامياً!!
لم تكن إقالة أو استقالة الأستاذ “السموأل خلف الله القريش” من الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون مفاجأة على الأقل له شخصياً أو ممن يعرفونه.. فمنذ أن عين الأستاذ “السموأل” خلال الخمسة أشهر الماضية في هذا المنصب كنا نعلم أن الرجل لن يعمر طويلاً، فقد كانت له نفس التجربة حينما عين مديراً لتلفزيون ولاية الخرطوم، ووقتها كان التلفزيون مثقلاً بالديون ولم تقدم له الدولة مالاً لحل مشكلة العاملين به، وألقته في اليم وقالت له إياك إياك أن تبتل بالماء.. وهذا كان وضع الأستاذ “السموأل” في وقت سابق.. أما عندما صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه مديراً لهيئة الإذاعة والتلفزيون القومي توقعنا أنه لن يعمر طويلاً بناء على التجربة السابقة، إضافة إلى الديون المثقلة التي وصلت إلى المليارات ولم تقدم الدولة حلاً لمشكلة العاملين ولا استحقاقاتهم المتراكمة.. فكيف يستطيع “السموأل” حل هذه المشكلة؟ وكيف يواجه العاملين الذين لم يصرفوا مرتباتهم ولا حقوقهم؟ هل يملك الأستاذ “السموأل” عصا سحرية لاستجلاب مليارات الجنيهات لدفعها للعاملين؟ هل له عصا سحرية لاستجلاب معدات وأجهزة تشبه الأجهزة المتطورة في الفضائيات الأخرى ويفصل بها آلاف العاملين؟ وإذا فصلهم أين له بالمال الذي سيقدمه لهم نظير هذا الفصل؟!
الأستاذ “السموأل” كان كبش فداء لهذا الجهاز الحساس وكل من يتم تعيينه خلفاً له ولم يمنح المال الذي يستطيع أن يسير به التلفزيون سيكون له نفس المصير.. وفي وقت سابق حينما أرادت الدولة أن تكون لها صحيفة واحدة تفاخر بها الصحافة العربية تم دمج (السودان الحديث)، (الإنقاذ)، (سودانا) و(المخبر) وكل المطبوعات الصادرة آنذاك بصحف الحكومة، ولكن هل أوفت الحكومة بالتزامها للأستاذ “أمين حسن عمر” حينما كلفته الدولة بذلك؟ هل قدمت له كل المال اللازم الذي يسير به مؤسسة عملاقة اسمها (الأنباء) آنذاك؟ هل منحته المال اللازم لتسوية حقوق فصل العالمين؟!
لقد واجه الأستاذ “أمين” آنذاك مصاعب جمة في صحيفة (الأنباء) واستطاع من أصول الصحف الأخرى تسيير أموره، لكن لم تستطع (الأنباء) الوقوف في مواجهة الريح العاتية.. فما كان من الأستاذ “أمين” إلا أن دفع باستقالته وتم قبولها بعد فترة طويلة من الزمن.. والصحيفة كانت تترنح إلى أن هوت في النهاية في عهد الأستاذ “الكرنكي” الذي واجه أيضاً نفس مصير الأستاذ “أمين”، فماتت الصحيفة نهائياً.. جهاز التلفزيون أشبه بصحيفة (الأنباء) الحكومية الموءودة، فإذا لم تعالج الدولة مشكلة التلفزيون المالية فلن تنفع أية إدارة جديدة لو جيء بالبروفيسور “علي شمو” على رأسها.. المشكلة مالية وليست مشكلة كادر إعلامي.
“السموأل” أو “عوض جادين” أو “عبد الماجد هارون”.. لا بد أن تحل الدولة مشكلة العاملين مالياً قبل أي شيء.