ومزقت كل الشيكات..!!
عندما أقرت الدولة سياسة التمويل الأصغر وألزمت كل البنوك بها، كان هدفها مصلحة المواطن حتى ينصلح حاله بالمشاريع التي يمكن أن تساهم في حل قضاياه، بعد أن يتقدم للبنك بالمشروع والضمانات التي تتيح له التمويل. ولكن بعض المواطنين استغلوا سماحة البنوك وسماحة الشخص الضامن، لأن العقد الذي وضعته البنوك والشروط التي ينبغي أن يتعرف عليها الضامن كثيرة، وأحياناً لا يقرأها وإذا قرأها لا أظن أنه سيوافق على ضمان الشخص الذي سوف يموله البنك، لأن في إحدى فقرات الضمان نص يقول يجب أن يلتزم الضامن بسداد المبالغ لدى الشخص المضمون في حالة عجز الشخص الممول.. ولكن طيبة أهل السودان والمواطن السوداني لم تنتبه لها بدقة، وعندما يعجز الشخص الذي تم تمويله من جانب البنك يكتشف الضامن أنه خدع، لأن البنك سيقدم شيك الضمان وتصبح القضية معلقة في رقبة الضامن قبل الشخص الآخر.
فقد دخلت في تجربة لا أظنني سوف أنساها مدى ما حييت، فقد جاءني شخص لم تكن معرفتي به كاملة وعرفته عن طريق شخص آخر عندما أراد أن يأخذ مني شيك ضمان لتمويل أصغر والمبلغ زهيد، ولا أدري كيف وافق البنك على منحه له علماً أن مدير بنك المزارع بالقرب من الشرقي، كان يعلم تماماً أن هذا الشخص ليس باستطاعته سداد المبلغ ولكنه منحه وكنت أنا الضحية، خاصة ونحن مقبلون على عيد الأضحى ولكن ربنا ستر وغطى علينا.
فالشخص المعني بالتمويل الأصغر كان يعلم تماماً أنه ليس لديه عمل ثابت ولم يكن له دخل آخر من ميراث أو من أصدقاء أو أهله، ولذلك تحايل على المسكين الذي اسمه “صلاح” ولم أكتشف الخدعة إلا عندما اتصل علىًّ أحد موظفي البنك، بأن الشخص الذي ضمنته لم يسدد المبلغ فقد مرت ثلاثة أشهر ومن كرم الإله علىّ مكنني من القبض عليه وتسليمه البنك، ولكن البنك لا يتشدد في باقي المبلغ إذا دفع الممول الشيكات التي جاء أجل سدادها. وبعد أن دفع أطلقت سراحه ثم حلت شيكات أخرى فدفعها ثم شيكات أخرى لم يتمكن من دفعها فلم تسأل عن الظروف التي أدت لعدم السداد، فما كان من مدير البنك الأخ “سعد قرفة” إلا أن قدم شيك الضامن ومن حقه أن يفعل ذلك حفاظاً على مال البنك، ولكن عبت عليه أنني شخص مسؤول ولي مكان معروف فقبل أن يقدم شيكي كان من المفترض أن يتصل علىَّ. وكلف موظف البنك “عابد” وذهب “عابد” إلى النيابة وفتح بلاغاً في مواجهتي، فعبت عليه ما قام به فطلبت منه أن أحدث الأخ “سعد” فحدثته وعمل (ما عارف شيء). هل يعقل مدير فرع يمضي خطاباً للنيابة بفتح بلاغ في شخص وهو لا يعلم، وإن كان ذلك فعلى البنك السلام. المهم اعتذر وطلب من الأخ “عابد” حفظ البلاغ ريثما نأتي بالشخص، فحاولنا أن نساعد هذا الشخص عفا الله عنه ولكن لم يساعد نفسه حتى ألقي عليه القبض ووضع في السجن إلى حين السداد، فجاءت جهة فسددت له المبلغ وظللت لفترة طويلة انتظر أن يأتيني اتصال من البنك لمنحي شيك الضمان، طالما تم القبض على الشخص ولكن “سعد” (عمل نايم) و”عابد” كذلك، إلى أن جاءني الشخص برجليه داخلاً علىَّ بالمكتب قائلاً لي: لقد سددت المبلغ ويمكنك أخذ شيك الضمان. فذهبت للبنك وكانت اعتذارات بالجملة من “سعد قرفة” و”عابد”، وحملت خطاب البنك وذهبت لنيابة المصارف. وكان هناك الأخ العميد “أحمد” والعقيد “البيلي” وتسلمت شيكي وعملت حفلة عيد ميلاد ومزقته ومزقت كل دفاتر الشيكات، وأنهيت كل علاقتي بأي بنك منذ ذلك اليوم حتى لا أدخل في خدعة جديدة تكلفني نفسي فودعت البنوك نهائياً.