ماذا بعد؟!

ما بين الجمال والقبح..!!

مما تستلهم أعمالك وأفكارك؟! سؤال كثيراً ما يوجه للأدباء والفنانين.. منهم من يقول إن البحر ملهمه الأول، ومنهم من يقول الليل أو الصباح، ومنهم من يقول الطبيعة أو الإنسان.. وكلها مفردات جميلة ورائعة وتكفي لضخ إحساس المبدع بمشاعر الإبداع.
لكن قد لا يخطر على بال أحد أن بعض المبدعين الكبار في العالم كانوا يستلهمون إبداعاتهم وأفكارهم من أشياء قبيحة ومخيفة ومرعبة، فمنهم من كان لا يكتب قصيدة إلا إذا رأى أشباحاً في منامه، ومنهم من كان لا يبدع لوحة إلا عند رؤيته لمشهد مقزز… والأغرب من ذلك أن بعضهم استطاع أن ينتج من هذا القبح إبداعاً مثيراً وجميلاً!
ورغم اختلاف طرائق الاستلهام عند المبدعين إلا أن إبداعاتهم كانت تأتي- في معظم الأحايين- على درجة عالية من الرونق والجمال حتى مستلهمي القبح منهم كانوا يحولون هذا القبح إلى كتابات ولوحات في غاية الحسن والبهاء.. ولعل المعرفة ببعض الرسامين الشهيرين في العالم الذين عاشوا حياة قاسية وتعرضوا لاضطرابات عاطفية مفزعة تفيد بأن هؤلاء التعساء استطاعوا الانتصار على آلامهم ومعاناتهم بالإبداع الذي تتحول من خلاله المأساة إلى حياة جديدة أكثر سعادة وابتهاجاً وجمالاً.
“فان جوخ” مثلاً الذي قطع أذنه وأهداها لمحبوبته ورغم ما انطوت عليه حياته من غرابة وبؤس أبدع جمالاً كثيراً من خلال لوحاته الشهيرة… و”بيكاسو” الذي وصل في التجريب إلى مرحلة تختلط فيها العبقرية بالجنون تحولت رسوماته الهندسية الغريبة إلى تحف معمارية هائلة… والموسيقار الشهير “بيتهوفن” الذي لم يسمع أي صوت جميل بسبب صممه أبدع للبشرية أجمل السيمفونيات وأعذبها.
هذا التحول الدائم إلى الجمال هو في الواقع فطرة مغروسة في دواخل المبدع والفنان، وهو انتصار للحياة في صورتها الأجمل والأروع، وهو أيضاً غلبة مستحقة لكل جميل!! ورغم ذلك فهناك بعض الذين تخصصوا في تحويل الجمال إلى قبح، وهذا البعض من البشر لا يمكن أن ينتمي- بأية حال- إلى قبيلة الفن والأدب لأنه مجرد من الفن والأدب!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية