ماذا بعد؟!

ضد الروتين..!!

الحياة السودانية على اتساعها ورحابتها باتت نمطية إلى حد كبير وأصبح الروتين اليومي هو المهيمن الأوحد على المشهد.
تعالوا نراجع معاً الملف اليومي للحياة السودانية لنكتشف غلبة الثابت على المتحول والمكرور على المتجدد.. الأشياء هي ذاتها الأشياء.. والتفاصيل هي ذاتها التفاصيل.. قليلة هي المتغيرات والمفاجآت.. ومعظمها يتصل بحركة الخارج وليس الداخل.. إنه روتين من العيار الثقيل كأن المواطن السوداني مكتوب عليه أن يوضع في ثلاجة ليظل كما هو الى درجة التجمد!!
صحيح أن طموحاته كبيرة وتطلعاته محدودة لكن الصحيح أيضاً أن المتوفر من إمكانيات محدودة وأن الذين يتحكمون في رسم المشهد اليومي يفرضون وصايتهم ويرفضون الآخر المختلف والمغاير ويقطعون الطريق أمام أي خيال عابر يسعى لتنشيط الذاكرة وحفزها بروح التجديد والمغامرة المشروعة!!
لنا أن نعرف الآن لماذا تموت الأفكار الجديدة في مهدها ولماذا لا يتم اغتيال اصحابها بدم بارد من خلال ممارسة الاقصاء والالغاء ووضع العقبات والتشكيك في نوايا الغير وأحلامهم!!
ليس سهلاً على الإطلاق كسر قيد الروتين الذي يحاصرنا أو تهشيم حالة الجمود من حولنا الاَ من خلال ثورة أفكار تحمل لواء التغيير والتجديد عبر كتابات نوعية ومشروعات حقيقية وتجارب على درجة عالية من التعميق والاحتراف.
لا يمكن محاربة القابضين على أنفاسنا وأرواحنا والمعرقلين لحركة نمونا وتطورنا إلا بفضح هشاشة تجاربهم وكشف حجم الاستغباء الذي يمارسونه في الهواء الطلق!!
(الديناصورات) يتربعون على المشهد ويغلقون الأبواب في وجوه من يتجرأون على تقديم المختلف والمتميز والباحث عن تنشيط دورة الإنسان السوداني ورفدها بالدماء الجديدة قبل أن يصيب العطب وتقتله نوبة الموت!!
هذا الروتين لا محالة يفضي إلى الموت ويحيل الحياة الى جحيم لئيم ويقتلع وردة الحب ليزرع بدلاً عنها الاشواك.. فالذين يستمرأون حالة التعود اليومي بذات تكرارها الآلي يقفون عند نقطة واحدة وهم فريسة سهلة للتراجع والفشل!!
شباب اليوم يملك الكثير الذي يمكن أن يقدمه وهو مقتنع تماماً بأن التغيير المجتمعي قادم لا محالة.. كما يملك مساحات واسعة من الخيال تؤهله بامتياز لكسر شوكة الروتين والإتيان بالجديد والمختلف رغم هالة التقديس التي تضرب حوله واستمساك أصحاب المصالح ودفاعهم المستميت عنه من أجل استمراره لأنه يمثل بيئة خصبة لبقاء واستحواذ أنصاف المواهب ومحدودي الخيال!!
شباب اليوم هو من سيعمل حثيثاً على استعادة الألق للوحة الحياة السودانية.. وهو من سيضع لمسة التجديد وبصمة التميز على المشهد اليومي كي يتمكن من تجاوز خطوط المنع والإقصاء وجدران الاستحواذ والتقديس الأعمى!!
ثمة أمور كثيرة قد لا تقع ضمن ما هو (أخلاقي) لكنها في المحصلة ظلت ترتبط بعادات متوارثة لا أكثر ولا أقل وتمت إحاطتها بسياج من التضخيم والتهويل رغم أنها لا تضيف جديداً مفيداً ولا تملك القدرة على إثراء التجربة الحياتية بقدر ما تحبسها في مربع ضيق.. هذه الأمور هي التي جعلت الحياة روتينية ومحدودة الأفق.. ولا أظن أنها تمتلك من المعطيات والمقومات ما يجعلها تستمر أكثر من ذلك.. آن الآوان للانقلاب عليها.. وآن الآوان للوقوف ضد الروتين الذي يعني موروثاً ضخماً من فرض الوصاية والاستحواذ !

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية