ولنا رأي

أمانة الراعي ياها الباقية للشعب السوداني!!

قصة الراعي السوداني التي جرى تداولها عبر (النت) هي واحدة من آلاف القصص التي يتحلى بها شعب السودان، وهذا الراعي البسيط كان يخاف الله ويخشاه في الأمانة التي وكل بها وهي رعاية الشاة، ورفض الانحياز لأولئك الذين رغبوه بالمال نظير منحهم شاة طالما صاحب الشاة غير موجود، ولكن الراعي قال للذين أرادوا إغراءه بالمال قال لهم ولكن الله ينظر إليَّ وأين أذهب منه يوم القيامة؟.
دائماً البسطاء يخشون الله ويخافونه، ولكن البعض من الذين وصلوا مراتب عليا لا يخافونه ولا يخشونه، وفي سبيل الحصول على المال يعملون أي شيء، وكثيراً تحدثنا في هذه الزاوية عن أولئك اللصوص الذين يتعدون على حدود الله والغير، وأحياناً يأكلون أموال الغير على عينك يا تاجر. ولكن عندما نجد أمثال هذا الراعي يخفف علينا من سطوة اللصوص الكبار الذين نهبوا وما زالوا ينهبون الأموال نهاراً جهاراً.. كيف يخونون أولئك الأمانة، كيف يخدع أولئك أخوانهم وزملاءهم، كيف يزورون في قطع الأراضي وحتى كشوفات المرتبات لا يتورعون في صرف أموال الغير بدون وجه حق؟.
رغم الظلام الذي يعمي القلوب والأبصار ولكن أمة محمد ما زالت بألف خير وما زال السوداني يضرب المثل الأعلى في الصدق والأمانة وإعانة الآخرين.
قبل أيام نشرنا قصة طالب بجامعة الرباط كاد يفقد عامه الدراسي بسبب المصاريف الدراسية، فسعت والدته التي فقدت هي وظيفتها أيضاً ولم تجد أي ملجأ تلجأ إليه إلا أن تبحث عمن يحل لها ضائقتها وابنها الذي وصل المرحلة النهائية من دراسة الجامعة، جاءتني المرأة تدخل عليَّ على استحياء وبدأت تقص عليَّ ظروفها الاقتصادية الصعبة، وكيف فقدت وظيفتها ولم تجد من يعينها على تعليم أبنائها الذين شارفوا على إكمال مراحلهم الدراسية، البنت في السنة الثالثة بإحدى الكليات الرفيعة فجمدت دراستها لأنها لم تستطع دفع المصاريف. أما الولد ففي السنة النهائية وتبقت له شهور ولكن الجامعة أنذرته بدفع المصاريف وإلا سيحرم من دخول الامتحان، حاولت مساعدة تلك السيدة ولكنها غابت ثم ظهرت بعد فترة وهي تحمل شهادة تخرج ابنها الذي حصل على تقدير جيد جداً، ولكن إدارة الجامعة طاردته مرة أخرى بدفع مبالغ مالية أخرى تعاطفت معها لأنني أعلم أنها صادقة فنشرنا الإعلان لها ولم أصدق أن الشعب السوداني وبرغم الظروف الاقتصادية الطاحنة تفاعل مع تلك السيدة وقضية ابنها بهذه الصورة، لقد تفاجأت المرأة بعدة مكالمات هاتفية تطلب تقديم المساعدة لها، وبالأمس زارتني ودخلت معها سيدة جاءت لتقديم المساعدة، السيدة تعمل معلمة اسمها “انتصار علي الطيب” لم تطلب منا إبراز اسمها أو ذكر المبلغ الذي حملته لتقديم المساعدة ولكن كان لزاماً علينا أن نشكرها على هذا الصنيع.. كانت مستحية من قيمة المبلغ وظنت أنه قليل، قالت أنا أم لخمسة أبناء واعتبرت هذا الطالب مثل أبنائي، ولكن آسفة لأنني لا أملك إلا الثلاثمائة جنيه عسى ولعل أن تحل المشكلة مع ما يقدمه الآخرون، أحسست بأن الشعب السوداني مهما بلغ به الأمر ما بلغ، فلن يتخلى عن تلك الخصال السمحة وتلك السمة الطيبة والمؤازرة والوقوف مع الآخرين، نسأل الله أن يديم على الشعب هذا الخير والاستمرار في مساندة الآخرين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية