هاردلك
كسب المريخ نتيجة مباراته الثانية والحاسمة في البطولة الأفريقية بهدفين لهدف، ولكنه غادر البطولة في أدوراها التمهيدية بعد أن فرط في مقابلة “الخرطوم” لصالح (كمبالا سيتي) الأوغندي والتي لم تخجل إدارة المريخ بعدها ولاعبوه، من وعد الجماهير بأنهم سيأتون بالنصر محمولاً على سواعد الرجال من أوغندا. وما علموا أن مثل هذه البطولات تحسم في اللحظات الأولى، فمن فرط في فرصته كان مضياعاً لكل حظه وحقه في التأهل. وقد كان ليجلس المريخ ومحترفوه على الأرض، فريق خلق للبطولة المحلية وبلاعبين يصرفون رواتبهم بالعملات الأجنبية في بلد فقير ومعدم.
الأندية والاتحادات تستجلب المحترفين من أجل البطولات الكبرى، وطالما أن الفريق الأحمر في كل عام يتم إسقاطه بالقاضية من هذا الدور أو ذاك، ليعود إلى الدوري الممتاز وكأس السودان والمنافسات المحلية بين دارفور والنيل الأزرق ونهر النيل، فلماذا لا تكتفي الإدارة بالصرف على فريق الناشئين والفريق الرديف وبربع الميزانية التي تصرف على هؤلاء الذين يسمون محترفون من “باسكال” إلى “غاندي” وغيرهم، والذين منح بعضهم الجنسية السودانية وقبل أن تطأ ديارهم تراب السودان، وقبل أن يعرفوا صقر الجديان فيه من (بلوم) “عبد الرحمن عبد الله” ! مع آلاف الدولارات التي تنفق عليهم والنثريات والتكاليف المليونية لمحصلة أخيرة يتساوى فيها المريخ مع أي نادٍ مسجل بأي اتحاد ولائي.
ما حدث خذلان كبير وإحباط عظيم للجمهور ورغم هذا أضمن لكم أن الصحافة الرياضية ستحول لاعبي المريخ، إلى خلق آخر بأقوال من شاكلة أن الفريق قدم مباراة العمر ولعب مباراة كبيرة. والقضية ليست الخروج نفسه بالطبع فالمسألة في النهاية منافسة قائمة على المدافعة والتدافع ونجاح فريق على حساب آخر، لكن القضية الأهم بالنسبة أننا لن تقوم لنا قائمة في الرياضة طالما أن هيبة الدولة مضاعة، وطالما أن كل أمورنا تدار بمدى سطوة الشخصيات ونفوذها. لا توجد مؤسسات إنما يوجد أشخاص ووفقاً لتصوراتهم وقراراتهم ومدى مزاجية أي منهم تمضي الأمور، فإن حسن صبحهم حسن صبح الرياضة، وإن ساء صبحهم ساءت صباحات الرياضة.
المريخ ليس نادياً خالصاً لـ”جمال الوالي”، كان رئيساً للتسيير أو رئيساً بالانتخاب. المريخ ملك للجميع ويوجد مشجعون وأنصار قدموا لهذا الكيان ما لا يمكن أن يقاس بمليارات الوالي ومساعديه ممن يسمون أنفسهم مجلس اللوردات، لأن هؤلاء لم يتذوقوا طعم المعاناة من أجل الوصول إلى الأستاد والعودة راجلين بعد أن يكون أحدهم قد فاضل بين قوت يومه وثمن تذكرته، لا يستوي هذا بذاك، لا يتساوى الموظف والطالب العاشق للمريخ ورجل أعمال لا يعرف في الأستاد إلا منصة كبار الزوار. !
وعلى أي حال فإنه عام (خيبة) جديدة للفريق الكبير، وسينسى الناس سريعاً المصيبة، فقد اعتادوا على الفشل وسيضطرون خياراً أو اضطراراً لمتابعة الدوري الممتاز، وسيفرحون في الانتصارات المحلية إلى أن يكتمل الموسم ويتم تسويق أكذوبة أخرى لخذلان آخر.