ولنا رأي

هل تنتصر حماية المستهلك وتعيد لنا ساعتنا؟!

قيل إن حماية المستهلك قد أمهلت الحكومة أربعة أشهر للتراجع عن البكور الذي سنه الدكتور “عصام صديق” مستشار رئيس الجمهورية السابق. لقد جاء الدكتور “عصام” ببدعة لم يسبقه فيها أحد لا في الأولين ولا في السابقين، فزين لرئاسة الجمهورية فكرته التي لم يدرسها هو جيداً ولم يطرحها للنقاش المستفيض من قبل الخبراء كافة، إن كان الخبراء في مجال التعليم أو الطب أو الهندسة أو حتى ولاية الخرطوم، ومدى فائدة تلك التجربة مع ظروف السودان الحالية، ولكن وضع الدكتور الفكرة وأقنع بها رئاسة الجمهورية، ومن ثم جاء التطبيق دون مراعاة لشعور الآخرين، ولكن بعد التجربة وجدت الفكرة نقداً عنيفاً ليس من أعلى الدرجات، ولكن من بسطاء الشعب الذين يعتبرون أفهم من الدكتور “عصام صديق” نفسه الذي نفذ فكرته الخاصة في شعب كامل، فالعلماء يجرون أبحاثهم على الفئران وبعد أن يتأكدوا من صلاحية التجربة يتم نقلها للإنسان، ولم تفشل تجربة قط لأن الدراسة أو البحث يستغرق زمناً طويلاً قبل التنفيذ.
لقد وجدت تجربة البكور تعليقات ساخرة من المجتمع، ولو كنت وقتها مكان الدكتور “عصام” لطالبت بإلغائها فوراً، وحقيقة نحن في السودان كل شخص له فكرة يستعجل في تطبيقها دون أن يعطيها الوقت الكافي لدراستها، ويزين لكل شخص أن ما يطرحه ليس هناك أفضل منه، خاصة وإن كان الشخص صاحب (حلقوم) قوي يقنع به طوب الأرض، ونحن لسنا ببعيدين عن خطاب رئيس الجمهورية الذي ألقاه الأسبوع الماضي وما زالت آثاره تلقي بظلالها على المجتمع.
لذلك ليس كل فرد له أفكار يحاول أن يصممها على الكافة.. حتى سائقي (الهايسات) و(الحافلات) و(البصات السفرية) عندما يضعون شريطاً غنائياً لـ”محمود عبد العزيز” يحاولون أن يجبروا كل الركاب على سماع (الحوت) الذي يهواه صاحب (الهايس) أو (الحافلة) أو (البص السفري)، ولم يطرح على الركاب ما يرغبون في سماعه، بل أجبرهم على سماع ما يهواه.
أبان العهد المايوي كان هناك مستشار لرئيس الجمهورية “جعفر نميري” وهو أشبه بدكتور “عصام”، لقد زين السيد المستشار وربما كان مسؤولاً عن (ديوان الزكاة) إن لم تخنِ الذاكرة، لقد حاول أن يقنع الرئيس “نميري” أن عائدات الزكاة سوف تحل كل مشاكل السودان آنذاك، والسودان وقتها كان محاصراً من كل الجهات.. أزمات في (الخبز) و(الدقيق) و(الجازولين) والدولة معصورة عصر شديد، فخرج هذا الرجل ليزين لـ”نميري” تلك الفكرة ولكنها لم تأتِ بأي شيء.. فأقاله.
في كل الدنيا تخضع الأفكار للدراسات المتأنية وليست المستعجلة، ولذلك عند التطبيق تكون هي الأفيد والأصلح، ونخشى أن تطبق وزارة التربية الفكرة التي طلعت في رأس بعض التربويين بإضافة عام لمرحلة الأساس.. ألم يعلموا أن إضافة هذا العام للسلم الحالي معناها عرضنا البنزين للاشتعال في المدارس ولم يدركوا خطورة وجود التلاميذ الكبار مع الصغار.
أعيدوا لنا ساعتنا القديمة وأعيدوا لنا صينية الغداء مع لمة كل الأسرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية