أخبار

كنس العاصمة !!

يوماً ما سأرتكب جناية في أحد موظفي تحصيل النفايات أو الموظفات، إذ لن أمايز الجندر في غضبتي هذه، فعادة ما يطرق باب منزلنا أحدهم (إحداهن)، ويخبرني أنه موظف التحصيل المكلف بجمع أتاوة كنس الشركة أو المحلية للقمامة والأوساخ من الشارع أو الحي ! والرد الطبيعي مني ومن غالب من يقصدهم تكون الرفض لأن المواطنين يدفعون ولا يرون تحسناً في خدمات النظافة إلا على فترات تأتي فيه سيارة جمع القمامة فتزف في الطرقات مثل الحدث السعيد وعمالها يتقافزون بين الطرقات والأزقة يجمعون ما تيسر ثم يختفون فإن نظرت للطريق تستفسر نفسك عما كانوا يجمعون !
طريقة التحصيل بائسة وغير قانونية لا من حيث شكل الإيصالات أو من حيث إثبات الحق بالدفع، وقد لاحظت مثلاً أنهم يتخيرون أيام العطلات للطواف على المنازل، ولا يقدم الموظف بطاقة تعرف بشخصه أو شركته أو الجهة التي يجمع باسمها المال، ومع احترامي لنزاهة موظف الدولة فإن هذه الطريقة مدخل عريض للشيطان فالراجح أنه سيعود بما جمعه إلى منزله إذ لا توريد في خزانة الدولة في أيام العطلات ولك أن تتصور بقية القصة وحجم الأموال المهدرة في هذه الطريقة التي لا أعرف سبباً موضوعيا لها أو دافعاً.
غالب المواطنين صاروا للأسف يجمعون القمامة في جوانب من الطريق أو أحد المصارف إن وجدت، وقد يتضررون منها فيشرعون في حرقها من تلقاء أنفسهم وقطعاً فإن لهذا أضراراً أشد خطراً من تركها أو ربما يتساوى الضرران والشاهد أن ثمة حالة عصيان مدني ضد عملية الالتزام بدفع مطلوبات النظافة للشركات أو غيرها، إذ من الصعب إقناع أحد بأن يدفع مقابل خدمة لا تقدم مما يتطلب التوصل لآليات أكثر إقناعاً للناس إما بتطوير العمل في هذا الأمر بشكل أكثر جدية مما نرى أو تركه ليدار عبر المواطنين أنفسهم ومن خلال اللجان الشعبية أو أي مؤسسة شعبية مدنية قاعدية فطالما أنه عمل يدفع قيمته السكان المحليين في الأحياء فما المانع أن تديره اللجان الشعبية مثلاً.
المجتمع كذلك وقطاعاته من نساء واتحادات ومنظمات مدنية عليه طرح مبادرات من نفسه ولهذا ففي بعض المناطق قام السكان أنفسهم بتدبير حالهم فنظفوا الطرقات واتفقوا على مواقع بعيدة عن المأهول لإفناء نفاياتهم وأعتقد أن هذه هو الحل المؤقت الأنسب حاليا رغم بروز سلبية تراجع همة النفير الطوعي والدفع الذاتي إذ صار الكل يعتمد على الحكومة فإن عملت اكتفى وإن لم تفعل لعن كما أفعل مع موظفي النفايات! ولهذا وإلى أن (يفرجها الله) فإن على الشباب والمواطنين القيام بمسؤولية تنظيف أحيائهم بل وتجميلها والمشكلة عامة وتظهر في بطول البلاد عداً بورتسودان، التي تحولت بفضل الاهتمام المشترك من المواطن والحكومة إلى مدينة لا تقل عن كثير من المدن الأفريقية والأوربية المتميزة بالنظافة والبهاء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية