الفريق "بكري" هو "بكري"!!
نجحت إدارة الإعلام بالقصر الجمهوري في ترتيب أول لقاء بين النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول “بكري حسن صالح” مع رؤساء التحرير وأجهزة الإعلام المختلفة، وعلى الرغم من حب النائب الأول “بكري” للإعلاميين قاطبة ومتابعته لما يكتبون، إلا أنه يتحايل دائماً بذكاء عند إجراء المقابلات معه، وأذكر أنني قد سعيت بشتى السبل للحصول على مقابلة معه منذ وقت طويل أجددها كلما التقينا، ففي مفاوضات (الدوحة) جددتها ووعد بعد عودته إلى الخرطوم، ومرة أخرى وعد وطلب الاتصال بالمستشار الإعلامي الأستاذ “عماد سيد أحمد”، وآخر مقابلة لنا معه كانت في (جوبا) في منزل الدكتور “مطرف صديق” سفير السودان بالجنوب، حاولت في هذه المرة أن أتحايل عليه بالقبيلة لأن القبيلة هي الوحيدة التي أصبحت الآن في السودان يقضى من خلالها الغرض، فبعد السلام عليه قلت له: (يا سعادتك نحن دناقلة.. قال لي: من وين؟ قلت له من (الخناق)، قال لي: بترطن؟ قلت له: لا، قال لي: مازلت دنقلاوي تايوان) ضحكنا وافترقنا.
بعد أن تولى منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية نظمت إدارة الإعلام بالقصر لقاءً له مع رؤساء التحرير والإعلاميين بالأجهزة المختلفة، بعد أن جلسنا في القاعة التي أُعدت لاستقبالنا ظننت أن المنصب الجديد وهذا اللقاء المهم مع الصحفيين سيجعله مختلفاً تماماً، (البدلة) آخر صيحة والقميص المستورد من (كريستيان ديور) والحذاء الإيطالي لزوم المنصب الجديد، لكن حينما دخل علينا كان هو الفريق أول “بكري حسن صالح” لم يتغير ولم يُغير زيه نفس السفاري ذو اللون البني الراقي، ونفس البساطة التي اعتاد عليها، فلم يطلب شراء ملابس جديدة كما هو الحال لدى الوزراء الجدد الذين ما أن تذاع أسماؤهم لتولي المنصب يذهبون إلى أرقى محلات الملابس، في الماضي كانت (المسرة) و(مليون صنف) وغيرهما من الأسماء التي كانت تستجلب أفخم أنواع الملابس من (فرنسا) و(إيطاليا) و(ألمانيا) وغيرها من المدن التي تمتاز بالصناعات الجيدة غير (الصين) التي تأتينا منها أردأ أصناف الملابس والصناعات.
الفريق “بكري” أجمع عليه كل الصحفيين وأحبوه وأحبهم، لم أسمع قبل أن يتولى الفريق “بكري” هذا المنصب الرفيع أن قيل أو قال عن كذا أو كذا، وهذا يدل على عفته وطهارته ونقاء سريرته.. قليل الكلام، إذا تحدث، تحدث حديثاً لطيفاً ليس فيه إسفاف أو إساءة لأحد.. يمتاز بالدعابة والنكتة والمُلح والطُرف.. عندما بدأ الصحفيون يتحدثون كان يستمع بأذن صاغية ومتابعة دقيقة، وعندما فرغ الأستاذ “ياسر يوسف” وزير الدولة بوزارة الثقافة الذي أدار اللقاء بصورة جيدة، ووزع الفرص دون محاباة لأحد، وأجاد في تلخيص أسئلة الصحفيين بصورة تنم عن عقلية شابة تدربت على مثل هذه اللقاءات من قبل، لذا عندما وقف النائب الأول “بكري” للرد على أسئلة الصحفيين أثنى على الأستاذ “ياسر” وقال هذه ميزة الشباب الذين دفعت بهم الإنقاذ، وهذه ميزة التغيير.. الفريق “بكري” أصر أن يتحدث واقفاً رغم كل التوسلات من الصحفيين له بالحديث جالساً.
لقد عرف عن النائب الأول الفريق “بكري” الصمت، ولكن تحدث بلغة عربية سليمة خلت من عبارات أهلنا (الدناقلة) التي تأتي (طاشة) وسط الكلام، كان حديثه منصباً عن عملية التغيير التي تمت وترجُل القيادات طواعية عن مقاعدهم ومقتضيات التغيير والذي سوف يستمر ليطال الباقين، ولم يخل حديثه عن (القفشات) التي عرف بها في كل المناسبات، فالتفت إلى الدكتور “محيي الدين تيتاوي” نقيب الصحفيين وقال (أهو أخونا “تيتاوي” الذي حضر التركية السابقة، وقال ما شاء الله أهو أخونا “محمد لطيف” أصبح يؤدي صلاة الصبح في جماعة، وقال قفة التمر الذي اعتاد على توزيعها لن تأتي إلا لمن يصومون موجهاً الإجابة للأخ “كمال حسن بخيت” الذي طالب بالإبقاء على القفة).
لم نحس بأن اللقاء كان رسمياً تتخلله الرهبة والخوف، كان الأخوة الصحفيون يتحدثون وكأنما يتحدثون مع شقيقهم الأكبر أو الأصغر دون حواجز أو برتوكولات.. نسأل الله أن يوفق الأخ الفريق أول “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية في مهمته لمصلحة السودان وأهله.