حريف..!!
حسب ما نقل عن د. “بدر الدين محمود” وزير المالية والاقتصاد الوطني، فإن موازنة الدولة للعام المقبل لا تتضمن أية زيادة في الأسعار أو في الضرائب، وأن ما تحقق من موارد نتيجة لزيادة أسعار المحروقات وظف لزيادة المرتبات والأجور، ثم الدعم الاجتماعي للأسر الفقيرة ودعم العلاج في المستشفيات والحوادث وتوسيع مظلة التأمين الصحي، فضلاً عن دعم الطلاب وبرنامج توطين العلاج بالداخل، مشدداً على أن الحكومة لم تصرف على نفسها من هذه المبالغ فلساً واحداً، وقال إن الموازنة هدفت أيضاً إلى ترشيد الإنفاق العام وإعادة ترتيب أولوياته وذلك لمنع زيادة الإنفاق في مجالات السفر الخارجي وتنظيم المؤتمرات.
هذه بداية مبشرة، وقد لاحظت أن وزير المالية الجديد (حريف) في انتقاء عباراته ويقدم المختصر المفيد، مركزاً على الجوانب المضيئة فيما يود عرضه، وهي ميزات مهمة وضرورية لمن يقدم إفادة اقتصادية في مثل هذه الظروف، خاصة أننا تعودنا في هذا الملف أن يلقي المتحدثون أقوالهم، فتكون سبباً في زيادة العسرة وارتفاع الأسعار وصعود الدولار لكلمة وتصريح (مشاتر) يقع فظاً على الأسماع ويضر بالاقتصاد الوطني ضرراً لا يجبر
وقطعاً فإن على الأخ “بدر الدين” التمسك بما يقترحه في شأن إعادة ترتيب الأولويات، خاصة مسألة المؤتمرات هذه، وأذكر جيداً أنه في العام السابق كان بعض مرتكز الموازنة المعلنة آنذاك إيقاف تلك المؤتمرات، لكن الذي حدث أني أحصيت أكثر من خمسة أو ستة مؤتمرات كبرى وعظمى كلها لم تحقق شيئاً للبلاد، وانعقدت وانفضت (كلام ساكت) رغم حجوزات الفنادق للضيوف، وربما تذاكر السفر، ومنصرفات الإعداد والفخامة وحدها كانت كفيلة بإنجاز أشياء في مجال التعليم أو الصحة أو الطرق، وقد عجبت يومها لفصاحة المسؤولين المبشرين بالموازنة وهم يخرقون أول بنودها وخطوطها الحمراء بعقد مؤتمرات بعضها ارتبط بنشاط البرلمان وأخرى تتبع لمؤسسات أخرى كانت (المالية) نفسها جزءاً منها، إذ أذكر مؤتمراً قبل أشهر للمصارف الأفريقية، رغم أنك إن رغبت في تحويل (عشرة) جنيهات إلى أسمرا القريبة هذه فإنك تلجأ لبوتيكات الجريف والديم!
أن تعلن الحكومة أن العام المقبل لن يشهد (رفع دعم) جديد فإنه أمر يحقق حالة من السكينة النفسية والاستقرار العام، ثم الأجواء المساعدة على ترتيب البيت الاقتصادي، وهو أمر يترافق حسب ما تشير اتجاهات الأحداث إلى مراجعات واسعة في الشق السياسي وتوجهات جديدة في أمور الأمن والسلام من المؤكد أن الأيام المقبلة ستحمل منها بشريات سارة ومفرحة.. وبالإجمال، فإن ولاية الدكتور “بدر الدين محمود” تبدو وكأنها على موعد مع وضع مختلف، مأمول فيه أن يخفف الحمل الثقيل الملقى على عاتق المواطنين وهمومهم التي جعلتهم يعيشون أوضاعاً معقدة وظروفاً قاسية صبروا عليها بخلق السودانيين الندي وعفتهم وتحملهم في سبيل وطنهم، قبل أن يكون الأمر سبيل الحكومة وحكامها.