ولنا رأي

متى ينتهي صراع الأحزاب؟!

لم تتوقف الصراعات داخل الأحزاب السودانية ففي كل يوم يظهر جديد داخل هذا الحزب أو ذاك، فما زالت قضية الإصلاحيين بالمؤتمر الوطني تتصدر الصحف السودانية، ولم يتبين حتى الآن هل فعلاً المؤتمر الوطني فصل الذين تقدموا بالمذكرة ناشدين الإصلاح بالحزب، أم أن الحديث متروك للشورى، وهل الإصلاحيين سيتراجعون عن مواقفهم تلك إذا تأكد عدم فصلهم وهل سيعودون إلى حظيرة المؤتمر الوطني أم أن الأمر خرج من يدهم كما تخرج الطلقة من البندقية؟.
في وقت مضى كانت أصابع الاتهام توجه دائماً إلى المؤتمر الوطني باعتباره اليد التي تدخلت لزعزعة الاستقرار في الأحزاب السودانية، وأدت إلى خلخلتها بل شرذمت الأحزاب إلى عدة أحزاب أخرى، كما حدث لحزب الأمة القومي عندما انفصل السيد “مبارك الفاضل المهدي” عن الحزب وكوَّن حزب الأمة الإصلاح والتجديد، واتهم المؤتمر الوطني آنذاك بأنه سعى وساعد السيد “مبارك” على الانفصال عن الحزب، ولكن لم يهنأ مبارك ولا المؤتمر الوطني بذاك الانفصال فخرج الذين كونوا الإصلاح والتجديد مع السيد “مبارك” إلى القيادة الجماعية برئاسة الدكتور “الصادق المهدي” وهذا التكوين التجديد لم يستمر كثيراً، فانشق الحزب إلى حزب الأمة الفيدرالي، وأخيراً كون “دقنة” وزير الدولة بوزارة الداخلي حزب الأمة المتحد، فلا ندري هل حقاً لعب المؤتمر الوطني دوراً في زعزعة استقرار تلك الأحزاب، أم أن الزعامة والسلطة كانت وراء أولئك الساسة؟.. كل يريد أن يصبح رئيساً وإذا افترضنا أن المؤتمر الوطني ساعد في شق صفوف تلك الأحزاب، فمن هو المستفيد من شق المؤتمر الوطني نفسه وتكوين المؤتمر الشعبي، والآن الإصلاحيين الذين أخرجوا سيتجهون لتكوين حزب جديد، فهل للمؤتمر الوطني دور في هذا الانقسام الجديد وسط الحزب؟.
إن أحزابنا السياسية شاخت ولابد أن يحدث فيها تجديد لضخ دماء تدفعها للأمام، ولكن إذا ظلت بنفس الصورة التي نراها الآن، فإننا سنجد أكثر من حزب، ولكنها ستكون ضعيفة وغير متماسكة.
بالأمس مُنع الشيخ “أبو سبيب” من دخول دار الحزب بأم درمان، وهذه بادرة سيئة لمسؤولي الحزب الاتحادي، فمن العيب أن تُمنع زعامات وقيادات حزبية من دخول دورها.. أمثال الشيخ “أبو سبيب” وغيره من القيادات التاريخية التي كانت ملء السمع والبصر في هذا الحزب.
إن مواقف الأحزاب السياسية محزنة، فقبل أيام سمعنا أن الدكتور “الصادق الهادي” رئيس حزب الأمة القيادة الجماعية فصل مجموعة من أعضاء الحزب ومن بينهم “صلاح بقادي” الساعد الأيمن للدكتور “الصادق”، فالخلافات السياسية بالإمكان احتواؤها، ولكن أن تصل لدرجة الفصل النهائي فهذه ليس محمدة لأحزابنا التي نحاول أن نتوكأ عليها باعتبارها المنقذ للبلاد من الجهل والفقر والأمية، ولكن الأحزاب السياسية تقوم على سياسة الفرد الواحد إما أن ينصاع الأعضاء لها، وإما أن تبحث عن جهة أخرى، وهذا الأسلوب لن ينفع ولن يقدم الحزب ولا الوطن الذي يعول عليها كثيراً.. لابد لأحزابنا أن تمارس الديمقراطية بداخلها لمصلحتها أولاً ولمصلحة المجتمع ثانية.. وإلا فإننا في كل يوم ليلة سيكون لنا حزب جديد انشق عن الحزب الآخر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية