ثم ماذا بعد الذهب!!
تحامل على نفسه وهو يصعد سلم الطائرة المتجهة إلى ولاية نهر النيل خاصة مدينة عطبرة، ومنها إلى مناطق التعدين عن الذهب بصحراء بيوضة، تلك الزيارة التي قررها وزير المعادن الأستاذ “كمال عبد اللطيف” للوقوف على تجربة افتتاح الذهب لشركة صحاري” ويقوم بافتتاحها نائب رئيس الجمهورية الدكتور “الحاج آدم يوسف”.
الشيخ “حسن حاج علي” لم يعرفه كثير من المسافرين في تلك الرحلة أنه صاحب هذا المال الكبير، الذي يديره ابنه “حسين”.. قبل أن نتعرف عليه أو قبل أن يُعرف الحضور به الأستاذ “كمال عبد اللطيف” في كلمته عندما ذكره بأنه رجل متواضع يجلس داخل الاحتفال، وأنه مالك لتلك الثروة التي أنتجت لنا طناً من الذهب الخالص، وتبرع ابنه بعشرة كيلو جرام من الذهب الخالص لحكومة السودان للمساهمة في الاقتصاد الوطني، سألت نفسي عندما شاهدت هذا الشيخ الكبير وقلت ما الذي دفع الأستاذ “كمال عبد اللطيف” ليوجه له الدعوة ليأتي في الصباح الباكر هذا، وحتى يشارك في احتفال تدشين أول إنتاج للذهب من شركة صحاري؟، ولم أعلم صاحب هذا المال الذي حاول أن يقدم به عملاً وطنياً لهذا البلد.. كثير من الوطنيين في هذا السودان لا يشعر بهم أحدهم يعملون في صمت، ويقدمون أعمالاً جليلة لا نكشفهم إلا عندما يقال لك هذا هو الرجل الذي بنى هذا المسجد، وتلك المستشفى وكان يعول عدداً كبيراً من الأسر وكذا وكذا..
صحراء بيوضة التي كان يتوه فيه الناس الآن أصبحت قبلة لكثير من المستثمرين خاصة في معدن الذهب المتوفر بكميات كبيرة ..
بعد أن مررنا على المراحل المختلفة لكيفية إنتاج الذهب لشركة صحاري جلسنا في سرادق كبير وسط تلك الصحراء، وجلس في المقدمة نائب رئيس الجمهورية الدكتور “الحاج آدم” وأعضاء حكومة ولاية نهر النيل، ومن ثم افتتح البرنامج بآيات من الذكر الحكيم، ثم تحدث مدير شركة صحاري “حسين حاج علي” وقال إن مبلغ تسعة عشر مليون دولار هي رأس مال الشركة استخدمت في عمليات البحث والاستكشاف حتى تم الإنتاج، وهذا أمر مذهل إذ إن المبلغ الزهيد مليارات الجنيهات.. ومن ثم تحدث معتمد بربر ثم والي نهر النيل بالإنابة “علي أحمد حامد” ووقعت اتفاقية الامتياز بين الولاية ووزارة المعادن بغرض التعاون في مجال التعدين عن الذهب..
الأستاذ “كمال عبد اللطيف” يُعد من الوزراء النشطين والمهمومين بوزارتهم وما يجري فيها، خاصة أن وزارة المعادن الآن أصبحت من الوزارات المهمة، بعد أن ذهب البترول إلى دولة الجنوب، وأصبحت الميزانية في حاجة إلى رافد آخر لدعم ميزانية الدولة؛ ولذلكم أصبح الذهب المعدن البديل للبترول في تلك الظروف التي يعيشها الاقتصاد السوداني، لذا ظل الأستاذ “كمال عبد اللطيف” في حركة دائبة لحث المستثمرين الأجانب على لدخول في استثمارات مع السودان في مجال التعدين عن الذهب، ولكن الوزير أعطى الأولوية أيضاً للمستثمرين الوطنيين حسب ما ورد في حديثه، وقال إن عدد الشركات المنتجة بنهاية عام 2013 ستصل إلى اثنتي عشرة شركة، وستصل بحلول العام القادم 2014 إلى عشرين شركة، وهذا يُعتبر فتحاً جديداً في مجال التعدين، فإذا كانت شركة صحاري تنتج طناً في العام، يتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى طنين، فهذا يعني أن إنتاج السودان من الذهب إذا أنتجت العشرين شركة سيكون الإنتاج أربعين طناً من الذهب سنوياً.
الأستاذ “كمال عبد اللطيف” قال إن معدن الذهب يُعد من أرخص وأبخس المعادن الموجودة في صحراء بيوضة.. وهذا يعني أن هناك عدة معادن من بينها الماس والكروم والفوسفات وغيرها من المعادن التي لم يستغلها السودان..إن الطاقة المتوفرة لدى الأستاذ “كمال عبد اللطيف” إذا توفرت لدى عشرة وزراء فقط لتغير حال السودان بدلاً من الجيش الكبير من الوزراء ووزراء الدولة على الأقل، كان أنصلح حال الزراعة والصناعة، وربما أصبحنا أقرب إلى الصين أو ماليزيا.. فإذا تغير حالنا ووجدنا وزراء لهم همة وإخلاص وتفانٍ لوجدنا بدائل أخرى بخلاف الذهب، فهل نتوقع إضافة أخرى للبترول والذهب؟.