ولنا رأي

أسواقنا في حاجة إلى تخطيط!

منذ عشرات السنين وسوق أم درمان في كل المواسم هو سوق أم درمان، ولن نستثنى محافظاً واحداً أو معتمداً تولى منصب المحافظ أو المعتمد، ولن يستطيع أحد من أولئك المحافظين القضاء على الظاهرة العشوائية التي اعتاد عليها الباعة الجائلون أو الذين اتخذوا من الأرض أماكن لبيع بضائعهم، فقد عجز كل المحافظين عن تنظيم هذا السوق العريق الذي أصبح قبلة للسياح وقبلة لكل من أراد شراء احتياجاته خلال الموسم، أو في أوقات مختلفة.. فمن يحاول دخول السوق خلال هذين اليومين يعجز تماماً عن الوصول إلى المكان الذي يقصده؛ والسبب أولئك الذين افترشوا الأرض ولم يتركوا سنتمتر واحد لمرور رواد السوق، بل أصبح السوق في ظل هذا الزحام مرتعاً للنشالين الذين يستهدفون النساء وكل من فرَّط في جيبه.
لقد حاول الفريق “أحمد إمام التهامي” معتمد أم درمان ومعاونوه أن يجروا إصلاحات خاصة في إغلاق المجاري والمياه المتدفقة، ولكن لم يفلحوا في فك هذا الاختناق الذي أصبح مثله ومثل كثير من الأمراض التي استعصى علاجها.. ولكن في ظني أن الحل سهل، وهو منع أولئك الباعة أو الذين يفترشون الأرض الذين يسدون الطرقات بأمر القانون، وكل من يخالف الأمر يعاقب بأحكام رادعة أو تخصيص أماكن لهم بزاولون من خلالها بيع بضائعهم، لقد لاحظت في كثير من البلدان التي زرتها كيف تنظم الأسواق، وكيف يتمكن الشخص من شراء احتياجاته بكل سهولة، ففي المملكة العربية السعودية يُعد سوق جدة من أكبر الأسواق، ولكن المسؤولين لم يسمحوا لأي شخص أن يبيع خارج المكان المخصص له، ولذلك تستطيع شراء احتياجاتك في أي وقت صباحاً أو مساءً، دون أن تتعرض لمحاولة نشل أو صعوبة في الوصول إلى المكان الذي تريد أن تشتري منه.. ولذا ينبغي أن ينتبه المسؤولون إلى أهمية تلك الأسواق، وأن يجروا عليها إصلاحات تمكن الشاري من الوصول إلى هدفه بكل سهولة في الموسم أو في غيره.
وسوق أم درمان مثال لأسواقنا، فالسوق العربي لا يختلف كثيراً عن سوق أم درمان من حيث الزحام والباعة الذين يفترشون الأرض، حتى الخضروات تفرش على الأرض، دون أن تتحرك سلطات المحلية، وأحياناً نلاحظ المياه الآسنة تتدفق، والباعة يواصلون عملهم والسلطات لا تحرك ساكناً.
لا أدري لماذا هذه العشوائية، ولماذا هذه المظاهر السالبة في أسواقنا؟، في كل العالم الناس تذهب للأسواق للفرجة، والاستمتاع بما هو معروض، وإن لم يشترِ الشخص، وأحياناً الأسواق تكون برنامجاً للمتعة من جمالها ومظهرها الرائع.
لقد نجحت ولاية الخرطوم في إنشاء سوق بمواصفات عالمية وهو سوق الواحة، ولكن هذا السوق لا يرتاده الكثيرون لارتفاع أسعاره، فلماذا لا تقوم الولاية بتنظيم السوق العربي بنفس المواصفات التي اتخذتها في الواحة؟، وهذا ليس صعباً على الولاية، فقط عليها التخطيط السليم، ومنع البيع على الأرض.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية