التمويل الأصغر .. مقترح!!
تابعت توجيهات جديدة لرئاسة الجمهورية للبنوك والمصارف بالتيسير في شأن برامج التمويل الأصغر ومنحها دون التقيد بمحددات الضمان لكي يتسع ظل الفكرة لصالح الفقراء لا سيما- وهذه من عندي- أن البنوك ببلادنا إنما تخدم وتمول من يملكون المال أصلاً ووجهاء البيزنس الذين لبعضهم ربما سوابق أخذ دون رد ومرابحات واعتمادات تكون على الورق في شأن، وهي في الحقيقة أموال يتم (تدويرها) لصالح فرد.
إن أمر التمويل الأصغر يحتاج إلى مراجعات في جوانب أخرى، إضافة إلى اشتراطات الدفع نفسها، لابد من جعل تلك الأفكار هي الأساس في تقييم متاحات النجاح لأنه حصره في عشرين أو ثلاثين ألف جنيه تقدم للممول لن تنجز الكثير، فهي في غالب الظن تنتهي في حلحلة ديون شخصية وساعات رفاه خاصة تصيب المستفيد، ثم ينتهي الأمر بعدها بمشروع قُيد في السجلات والإحصائيات، ومبلغ دُفع لكنه في واقع الأمر ليس كذلك، لأنه ليس سراً أن صاحب المشروع يقدم مقترحاً ويطلب شراء سلعة أو شيء ما يكون جزءاً من العمل، ولكن الحقيقة أن التفافاً يتم، إذ يتفق البعض أحياناً على تسلّم المال نقداً من الجهة الشارية دون علم البنك طبعاً الذي يكتفي بأمر الدفع لصاحب المغلق مثلاً أو المعدات، ولا يعنيه كثيراً تم ذلك أم أن اتفاقاً ما حوّل المال إلى جيب المواطن وفق خصم معلوم لصالح المشتري محرر الفاتورة!!
الأصل عندي أن تتجه البنوك وهيئات التمويل الأصغر لدعم مشروعات حقيقية، يمكن للنقابات والتجمعات الفئوية والأفراد متشاركين التقدم بمشروعات أكبر فائدتها أنها تنجز حراكاً اقتصادياً ولو يسيراً وتساهم في (تشغيل) عدد من العاطلين، بحيث يتحول المشروع إلى منعش اقتصادي وإلى مساهم في توفير فرص عمل، إلى جانب فوائد أخرى حسب مطلوبات الرؤية الكلية لأصل أغراض هذا التوجه.
التجمع أو التجميع يوفر حال مراجعات قانونية وإجرائية، أو يمكن أن يوفر جعلاً أكبر من الربط الزهيد المقرر بنحو عشرين ألف جنيه، التي في حال المقترحات الجماعية يمكن أن تتحول إلى أربعمائة ألف، بحيث يكون المبلغ حقيقياً وقادراً على إنجاز شيء، كما أن مظلة المستفيدين منه تتسع، ويمكن في هذه الحالة اشتراط الضمانات لضخامة المبالغ ولن يحتج أحد حينها.
وأقترح أن تفتح قبل التمويل المؤسسات الاقتصادية نوافذ طلب مبادرات ومقترحات ذات جدوى اقتصادية ورؤى اجتماعية، بحيث إن المشروع المتميز يقدم نموذجاً للآخرين، ويمكن عبر هذه النافذة تجميع كل المقترحات ودراستها ثم الموافقة عليها ومتابعتها لكي تنجز أغراضها، فهذه طريقة أفضل بعشرات المرات من الاقتراحات الفردية التي تقدم عبر نوافذ بنك الأسرة، التي لا تزال، حسب ما أتابع، في الحصول على (ركشة) أو ثلاجة لصناعة الآيس كريم.
مؤسسات عربية وأفريقية كبرى معنية بمثل هذه المبادرات، تنجح سنوياً في تقديم مشاريع عالية الجودة والتميز حصلت عليها عبر استمارات طرحت من خلال الانترنت.. فما المانع أن نختبر ذات التجربة ونحن شعب بينه آلاف القادرين على الابتكار؟!