ولنا رأي

الأطباء في حاجة إلى أطباء!!

نتحدث كثيراً عن تدني الاقتصاد السوداني ولكن هناك تدنياً في الخدمة المدنية ، وتدنياً في التعليم والصحة، وحتى أخلاقيات الناس أصبح فيها تدنٍّ، وفقدت الثقة تماماً في الأشخاص وفي المهن.
قبل أيام قادتني خطاي إلى أحد المستوصفات الطبية، وقيل إن الاختصاصيين فيها من المميزين، دخلنا المستوصف الفخم الذي أقيمت بداخله عدد من غرف الأطباء والعمليات والأشعة وأطباء الأسنان والباطنية وغيرها من الاختصاصات الطبية.
سألنا مسئولة تجلس على كرسي عن الاختصاصي فلان، قالت هنا مكانه، سألنا عن قيمة الكشف، وجهتنا إلى شخص داخل غرفة زجاجية منحناه المبلغ المحدد للكشف باعتبارنا لسنا داخلين في قائمة التأمين الصحي.. وبعد أن أخذنا الورقة عدنا إلى المسئولة أو المختصة بإدخال المرضى إلى الطبيب، سألناها متى سيحضر سعادة الطبيب، قالت عند العاشرة صباحاً والوقت حينذاك لم يتجاوز التاسعة ببضع دقائق سألناها مرة أخرى كم عدد المرضى الذين تم تسجيلهم حتى الآن؟ أجابتنا بأن العدد في تلك اللحظة وصل إلى عشرة أشخاص، جلسنا في انتظار الطبيب..
عند العاشرة والنصف كان الطبيب قد نظر تسعة أشخاص قبل أن ندخل عليه.. ولم تمض ثوانٍ حتى نادت المسئولة على اسمنا دخلنا على الطبيب الاختصاصي، عندما نظرت إلى هيئته خامرني الشك أن يكون طبيباً وليس اختصاصياً، وإن كان المظهر أحياناً لا يحدد مدى غزاره علم الطبيب أو غيره، ولكن ما زال يخامرني الشك، سأل مرافقي عن اسمه فقط فبدأ مرافقي يحدد له عما يشكو منه، بكل برود تناول ورقة وبدأ يكتب فيها، ولكن مرافقي قال له ولكنني أشكو من ضغط وأخرج له علبة بها حبات الضغط، تصوروا ماذا قال هذا الاختصاصي لمرافقي، ما كان تقول عندي ضغط من الأول
اختصاصي باطنية يكتفي بحديث المريض فقط والمريض سالم من حاجات كثيرة يفترض أن يبني هذا الاختصاصي الثقة بينه وبين مريضه، ولكن حتى السؤال عن شكوى مرافقي لم يسأل عنها، ولم يسأل الأسئلة التي تعودنا أن نسمعها من الطبيب عندما يدخل عليه المريض، ولم يكتف الطبيب بحديث المريض فقط، بل يسأل ويسأل وعن حاجات كثيرة ربما تبين له أسباب المرض ومتى كان ، وأحياناً يجلس الطبيب مع مريضه أكثر من ساعة ليكتشف الحالة التي يشكو منها المريض، لكنت هذا الطبيب أشك أنه اختصاصي وحتى المبلغ الذي دفعناه له لم يحلله، فاكتفى بكلمتين من المريض ثم صورة أشعة.
إن المستوصفات الجديدة والتي يرتبط مرضاها بالتأمين الصحي ينبغي أن بفصل ما بين المريض الملحق بالتأمين الصحي والمريض الذي يدفع بالكاش، وحتى مرضى التأمين الصحي مظلومون من تلك المستوصفات، فلا يعقل أن ينظر اختصاصي إلى عشرين مريضاً في أقل من ساعة.. ثانية المستوصف أشبه بمنزل في أحد الولايات التي يتعامل السكان فيه بعفوية، فاختصاصي يدخل على غرفة وبها مريض ربما عارياً دون استئذان، يدخل بكل عفوية وكأنه داخل غرفة نومه وحرمه المصون بداخلها ولا حرج عليه في أن يقتحم غرفة نومه بدون أن يستأذن زوجته، تخيلوا اختصاصي كبير يفعل هذا ولا يعتذر ولا يخرج من الغرفة رغم تنبهه، وكأنه في منزله.
إننا في كارثة كبيرة ومهنة الطب تحتاج إلى مراجعة، والأطباء في حاجة إلى مراجعة، ينبغي إخضاع الأطباء إلى تدريب عالٍ وعدم إلحاق الطلبة بكليات الطب، إلا بمجاميع عالية وبعد معاينات أشبه بمعاينات الدخول للكلية الحربية.
ملحوظة:
نحن لا نعمم هذا على كل الأطباء ولكن الغالبية أصبحت هكذا!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية