ولنا رأي

البيناتنا ومولانا هارون عامرة!

قبل أن ندخل قفص الاتهام في القضية التي رفعها مولانا أحمد هارون” والي ولاية جنوب كردفان على الصحيفة بأربعة وعشرين ساعة اتصل علينا مولانا “أحمد هارون بدون أي مقدمات أو وساطات أو جولات مكوكية هنا وهناك، معلناً تنازله عن القضية، وقال: ليس بيننا والصحافة أي قضايا، وقال: لن يأتي اليوم الذي أقف فيه أمام المحاكم ضد الإخوة الصحفيين.
إن مبادرة مولانا “أحمد هارون” الشخصية وتنازله في البلاغ دون وساطات إنما ينم عن سماحة وأخلاق مولانا رغم الرشاش الذي أصابه منا، ولكن حتى الكتابات أو السهام التي وجهت ضده لم تستهدفه شخصياً، ولم تكون حملة منظمة للنيل منه أو إقصائه عن ولايته بقدر ما كانت الكتابات ضد بعض السياسات التي يعتقد الكُتاب أن السيد الوالي قد انحرف عن الطريق الصحيح، ولا بد أن يعود إلى الصواب لأن الحركة الشعبية قطاع الشمال قد استهدفت الوطن خاصة ولاية جنوب كردفان، وقد رتبت قيادات تلك الحركة أمورها تماماً للنيل من الوالي مولانا “أحمد هارون” وولايته عندما فشلت في الوصول إلى منصب الوالي بالطريقة الديمقراطية (صناديق الاقتراع) ولذلك حددوا الطريقة التي يمكن أن ينالوا بها من الولاية فخططوا ودبروا بليل كيف السيطرة على الولاية رغم أن السيد عبد العزيز الحلو نائب الوالي والذي كان يطمع أن يحل والياً شرعياً كان يبطن لمولانا “هارون” دون أن يدري، وكان يتظاهر بالطيبة والعلاقة الحميمة معه، إلى أن انكشف المخطط وعثر على الخرط والمعلومات التي كانت تستهدف الولاية، لقد عرفنا مولانا “أحمد هارون” منذ أن كان وزير دولة بوزارة الداخلية، وكانت تربطنا به علاقة حميمة ورغم علاقته الحميمية بالإعلام والصحفيين ولكنه كان قليل الظهور في الصحافة، وحاولنا عشرات المرات إجراء حوارات معه، فكان دائماً يعـِد ولكن لا ينفذ رغم الكلام المعسول الذي يقدمه لك بأنه في الأيام القادمة سوف يحدد موعداً للجلوس سوياً وآخرها كان قبل إجراء الانتخابات لمنصب والي ولاية جنوب كردفان.
سمعنا كثير عن مولانا “أحمد هارون” بقاهرة المعز عندما كنا طلبة، كان هو بجامعة القاهرة كلية القانون، ونحن بجامعة الأزهر كلية الإعلام كانت تربطنا بعض العلاقات مع الزملاء بكلية الإعلام جامعة القاهرة بهاء الدين وأولاد الراحلة عزيزة مكي وقلة من الطلبة، عكس العلاقة التي كانت تربطنا بالطلبة بجامعة عين شمس، لقد كانت سيرة مولانا “هارون” تملأ الأفق بالقاهرة وبالدور الذي يقوم به، ولكن لم نلتقـِه.
إن تنازل مولانا “هارون” عن البلاغ المرفوع ضد الصحيفة لا أعتقد أنه يخشى خسارة يعرفها جيداً ويعرف الدور الذي تقوم به تجاه المجتمع وتجاه الوطن وهو جزء من هذا الوطن، وما يقوم به من دور في ولايته يصب في المصلحة العامة، لذا تنازل عن حقه طواعية ورغبة شخصية منه دون أن تتدخل الأجاويد كما يحدث في كثير من البلاغات المرفوعة ضد رؤساء التحرير والصحف والمتعلقة بقضايا النشر، ونعلم أن قضايا النشر مصيرها إما الاعتذار للشخص أو الغرامة محدودة القيمة لذا نكبر في مولانا ما قام به من تلقاء نفسه.
ونسأل الله أن تكون البيناتنا عامرة وأن تظل الأقلام مهتمة بمصلحة الوطن ومصلحة إنسان جنوب كردفان الذي اكتوى بنار الحرب ونريد أن يعيش آمناً ومستقراً وأن يعود حملة السلاح لأرض الوطن ليعملوا من أجل النهضة والبناء والإعمار.
همسة :
ذهبت صباحاً لتهنئة الزملاء بصحيفة الخرطوم بمناسبة الصدور، دخلت مكتب رئيس التحرير عادل الباز ورغم حرارة الاستقبال الأولى، ولكن السيد رئيس التحرير ظل مشغولاً بماكيت العدد الجديد ثم بدأ مراجعة بعض الأوراق أمامه، تأسفت على الزيارة وضياع وقتي من الصباح لهذه التهنئة، لم يحس رئيس التحرير أن الذي جاء لتهنئته أيضاً رئيس تحرير، وله ماكيت يضعه، وله محررون يضع لهم خطط عمل من الصباح، ولا أعتقد أن السيد رئيس التحرير لو كان الذي أمامه غيري لما ظل هكذا، وسبق أن جلسنا مع عملاق الصحافة فضل الله فكان يفرغ نفسه لنا حتى ولو كان أمامه طبعة الخليج.. شكراً لبعض الزملاء الذين رافقوني حتى أسفل السلم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية