ولنا رأي

من يقوم بالانقلاب؟!

صلاح حبيب

يتحدث الناس عن قيام انقلاب على الحكومة الحالية، ولكن لم تعرف تلك الجهة التي ستقوم بالتنفيذ، وفي وسائل التواصل الأيام الماضية ذكر أن جريدة (الشرق الأوسط) تحدثت عن قيام انقلاب يرتب له الإسلاميون، فانتقد الكثيرون الخبر، وقالوا كيف يعلن عن انقلاب وهو لم يتم؟ ومعروف أن الانقلابات التي تنفذ تجري في صمت حتى ساعة الصفر، يتكتم عليها ولا يعرفها إلا القلة ممن هم على رأس هذا الانقلاب، فكل الانقلابات التي تمت في السودان تمت بسرية تامة فمنها ما اكتمل مثل انقلاب “نميري” وانقلاب الإسلاميين، ولكن كثيراً من الانقلابات التي جرى الترتيب لها من قبل الضباط بالقوات المسلحة مثل انقلاب “حسن حسين” أو انقلاب ما يسمى بالمرتزقة كلها باءت بالفشل، وحتى الانقلاب الذي قاده بعض البعثيين عقب انقلاب الإسلاميين فشل، وتم إعدام الضباط الذي قاموا به. إن الانقلابات العسكرية تتم من خلال الترتيب الدقيق لها بعد أن يقوم عدد من الضباط الحادبين على مصلحة الوطن بالتنادي في ما بينهم لإنقاذ البلاد من حالة الفوضى والتردي الذي تعيشه، رغم أن قانون القوات المسلحة يرفض ذلك، ولكنها محاولة من الضباط من أجل مصلحة الوطن، فالانقلابات التي تمت في السودان إن كانت من قبل الضباط بالقوات المسلحة أو بالتنسيق مع المدنيين تجد دائماً في البداية الرضاء والقبول، ولكن بعد فترة تجد معارضة من قبل الأحزاب السياسية، حتى انقلاب “عبود” الذي أطاح بحكومة الديمقراطية الثانية، يقال ما هو إلا حالة تسليم وتسلم من قبل حزب الأمة للرئيس “عبود”، فالحكومات العسكرية رغم رفضها من قبل المعارضين، إلا أنها من الحكومات التي تم خلالها البناء والإعمار، في ظل حكم الرئيس “نميري” أقيمت العديد من المشاريع الزراعية، وأنشئت الكباري والطرق، وتوسعت الدولة في الولايات، إلا أنها ورغم كل الذي قامت به اعتبرتها المعارضة أنها أفسدت بقدر ما قدمت للشعب، وهذا حال الانقلابات العسكرية يتسلق من خلاها أصحاب المصالح، فيفسدون فيها حتى تتهم الحكومة بأكملها بأنها فاسدة، ولم نسمع أن عسكرياً قدم إلى محاكمة بسبب الفساد بينما المدنيون الذين يشاركونها السلطة هم المفسدون، وعيب العسكر أنهم يضيقون الخناق على المواطنين فى ما يتعلق بالحريات، وهذه حالة لا تستقيم بين المدنيين والعسكريين، فالعسكريون لا يرضون بما يسمونها فوضى المدنيين، والمدنيون لا يعيشون إلا في ظل تلك الفوضى والتمتع بالحريات التي يعتبرها العسكريون فوضى. إن الحالة التي نعيشها عليها الآن هي نفس الحالات التي شجعت العسكريين على الانقضاض على الحكم المدني وإحداث انقلاب عسكري، فالظروف التي نعيشها الآن رغم سوئها، إلا أن العسكريين أنفسهم غير راغبين القيام بأي انقلاب عسكري، ونفى ذلك الفريق “البرهان” و”صلاح عبد الخالق” وغيرهما من العسكريين. إن الوضع الاقتصادى المتردي الذي نعيش فيه والأسعار المتصاعدة، والأزمات التي لم تنته، مثل الوقود والنقود التي طلت برأسها من جديد، بجانب الحالة الخانقة لا تشجع أي مغامر على إحداث أي انقلاب عسكري؛ لأنه لن يجد السند من قبل العسكر أنفسهم، فالأزمات متصاعدة ولا بريق للحل؛ لذا من يريد أن يقوم بأي انقلاب في هذه الظروف، يكون قد جنى على نفسه، إلا إذا وجد سنداً دولياً، وهذا لن يتحقق، فالوعود التي تقطعها تلك الدول كذوبة، والدليل على ذلك تلك الحكومة التي وعدت من قبل المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانبها، وها هي تستند على حيطة مائلة، فلم تجد أي دعم أو مساندة منه، فالأزمات على مشهد ومرأى الجميع، فلم تتحرك أي جهة لإنقاذ الموقف؛ لذا فأي انقلاب عسكري في هذه الظروف سيؤدي إلى كارثة داخلية لن يسلم منها الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية