مازال الإسلاميون في حالة كُره شديد إلى الشيوعيين ونفس الحال ينطبق على الشيوعيين، على الرغم من أن الإنقاذ حينما جاءت وتوج “البشير” رئيساً للبلاد، وقفت كل جماهير الشعب مع الإنقاذ وتحملت كل الصعاب والأزمات التي ورثتها من الأنظمة السابقة، فصبر الشعب أملاً في أن تحل مشاكل البلاد الموروثة منذ الاستعمار، لم تواجه الإنقاذ في بداياتها هذا الكُره الذي تواجهه حكومة “حمدوك” أو المجلس الانتقالي، صبر الشعب وشرب الشاي بالبلح والحلاوة حتى خرجت البلاد إلى بر الأمان، ولكن اليوم وهذه الحكومة التي مضى عليها عام لم تستطع أن تقدم شيئاً مما كانت تأمل في أن تقدمه إلى الشعب بعد تلك الثورة العظيمة التي قادها الشعب بقطاعاته المختلفة من شيب وشباب ورجال ونساء، كان الشعب يأمل أن تخرج به الثورة إلى آفاق أرحب بعد المعاناة التي عاناها بسبب فساد بعض قيادات الإنقاذ، ظل الشعب يحلم كل يوم بالخروج من هذا المأزق، ولكن الصراعات التي نشأت بين الإسلاميين والشيوعيين منذ أوقات باكرة لم تترك كل طرف وصل إلى السُلطة أن يقدم ما عنده من آمال وطموحات لهذا الشعب، فالإنقاذ حينما جاءت قامت بتصفية رموز الحزب الشيوعي وحكمت على البعض ولكن لم تكن معارضة الشيوعيين إلى الإسلاميين بهذه الدرجة من الحقد الذي يمارسه الإسلاميون على الحزب الشيوعي، فالطرفان أدى صراعهما إلى تأخر البلاد وتراجعها، والضائع لا الحزب الشيوعي ولا الإسلاميين، فالضائع هذا المواطن المسكين الذي يؤمل في كل مرة أن يصل إلى مراتب الدول المتقدمة، فالإسلاميون والشيوعيون لم يتعظا من تجارب رواندا التي راح ضحية الصراع فيها إلى مليون نسمة تناثرت الجثث في المياه، ولكن خرجت رواندا من تلك التجربة أكثر وعياً وأكثر التحاماً مع الجماهير، فتناسى الهوتو والتوتسي صراعاتهم وبدأوا تجربة جديدة لرواندا، فالآن رواندا أكثر الدول الأفريقية تقدماً وازدهاراً، فهل يتناسى الإسلاميون والشيوعيون صراعاتهم والحقد الذي ترسب في نفوسهم من أجل هذا الوطن؟ ليس من الصعب أن يعمل الجميع من أجل الوطن فالأحزاب لن تبقى بقدر ما تبقى الأوطان، فالتصالح بين الطرفين من أجل الوطن أفضل من تلك الحالة التي ادخلوا فيها كل الأمة معهم في هذا الكُره، إن رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” لم يأتِ ليحكم الشعب من خلال انتخابات حُرة ونزيهة ولا “البشير” حينما جاء إلى حُكم السودان لم يأتِ منتخباً من قبل الشعب، لذا على منسوبي الطرفين أن يرضيا بالواقع وأن يترك رئيس الوزراء “حمدوك” أن يخوض التجربة حتى النهاية فإن نجح من مصلحة الوطن، مثل ما نجح “البشير” في كثير من المواقف التي لا ينكرها أحد، كما قدم الرئيس الأسبق “نميري” تجربة قدم من خلالها الكثير من المشاريع التي لا ينكرها أحد، الآن على الرغم من إنكارها من قبل البعض في أوقات سابقة فـ”البشير” الذي يدعي البعض بأنه لم يقدم لهذا الشعب شيئا سيأتي اليوم الذي يعترف فيه البعض بالإنجازات التي قدمها من طرق وكباري ومشاريع متعددة في أرجاء البلاد، ولكن عمليات الكُره الملازمة لأحزابنا دائماً تتنكر للإنجازات وتنظر إلى السلبيات فقط، لذا فعلى الإسلاميين أن يتركوا ما تبقى من فترة حُكم للدكتور “حمدوك” أن يحكم في صمت بعيداً عن عمليات الكُره التي تلازمهم الآن ويحكموا عليه من بعد ذلك، لأن الشعب الآن هو الذي يعاني من صراعات الشيوعيين والإسلاميين والحالة الاقتصادية في اسوأ حالاتها ما لم يتكاتف الجميع للخروج بالشعب من تلك الحالة.