أعلنت الحكومة عن زيادات كبيرة في الأجور يتم تطبيقها اعتباراً من أبريل القادم، لقد فشلت الحكومة في ضبط الأسعار بالأسواق، وفشلت في حل مشكلة المواصلات، مما دفع أصحاب المركبات باتخاذ زيادات كبيرة على التعريفة، مما أرهق المواطنين، فهل الزيادات التي تتحدث عنها سوف تحل مشكلة الخبز لدى المواطن، وكم المبلغ الذي ستتم زيادته لكل موظف. إن الحكومة بهذه الزيادات سوف تشعل السوق أكثر مما هو مشتعل، فإذا كانت المرتبات تكفي الموظف لعشرة أيام، فإن الزيادات سوف يلتهمها السوق في يومين خاصة، وأن هناك زيادات وصلت إلى خمسمائة في المية، فالألف جنيه أصبحت مثل المية جنيه، لذلك قبل أن تتخذ الحكومة قرار الزيادات يجب عليها أن تعمل على تثبيت الأسعار بالسوق، قبل الزيادات، فمهما منحت الموظف من مبلغ مالي فلن يكفيه، فهل الحد الأدنى للأجور سيصبح خمسة عشر ألف جنيه، وحتى هذا المبلغ إذا اعتبر مبلغاً لا بأس عليه، ولكن إذا كان كيلو السكر الآن وصل إلى خمسة وسبعين جنيهاً، وكيلو اللحمة وصل إلى خمسمائة جنيه، ورطل اللبن ثلاثون جنيهاً، فهذا يعنى أن الأسرة الصغيرة إذا أرادت أن تصرف على مبلغ الخمسمائة جنيه، إذا اعتبرنا أن الموظف يتقاضى مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، فقام بشراء ربع كيلو لحمة بـ(127)، ورطل سكر بعشرين جنيهاً، وزيت وفحم ورغيف وملح وشطة وثوم وغيرها من متطلبات الحلة، ناهيك عن المواصلات للرجل وأولاده بالمدارس والجامعات، فإن المبلغ المقترح لن يحل المشكلة أبداً إلا إذا عملت الحكومة على ضبط الأسواق ووقف الزيادات غير المبررة في تلك الأسعار، إن زيادة المرتبات سينتظرها التجار بفارق الصبر، وإذا احتج الواحد ستسمع كلمة ما زادوا ليكم المرتبات، لذا ننصح الحكومة، كما نصحنا الحكومة السابقة، حينما رفع سعر الدولار الجمركي من ستة جنيهات إلى ثمانية عشر جنيهاً، فمنذ تلك الفترة انفلتت الأسعار، وأصبح الدولار في زيادة مستمرة حتى وصل إلى الرقم (120) جنيهاً أمس، فالحكومة يجب أن تدرس الأمور قبل أن تصدر قرارات تكون عواقبها أكثر من فوائدها، فها نحن نحذرها من زيادة المرتبات حتى لا تشعل الأسواق أكثر مما هي مشتعلة، فإن أرادت الحكومة حل المشكلة عليها بمراقبة الأسعار، ووضع ديباجات على صنف من السلع حتى لا تكون الأسعار عرضة لمزاج التاجر، فهل يعقل في بلد يجري فيها نيلان يصبح سعر الليمونة خمسة جنيهات؟ هذه الأسعار لو قيل عنها في أي دولة لم تتوفر لها الأراضي الخصبة والمياه لما وصل السعر إلى هذا الرقم، إننا في السودان الكل يعمل وفق مصلحته الخاصة، طالما الدولة ليست رقيبة عليهم، فالمواطن مجبر على الشراء بأي ثمن، وهذا هو الذي جعل الأسعار متصاعدة يومياً، فانتفاضة الحرامية التي أطلقها من قبل الرئيس الأسبق “محمد أنور السادات” سوف تظهر فلن تكون انتفاضة الحرامية، ولكن انتفاضة الجوعى والمحرومين فبلد بها كل مقومات الحياة الكريمة تجد فيها اللحوم أغلى من أي بلد، والألبان كذلك حتى الخضروات التي يتم ريها بالماء السوداني تجاوزت أسعارها أرقاماً فلكية، فإذا كان هذا الحال قبل زيادة المرتبات فكيف سيكون الحال إذا ما طبقت الحكومة الزيادة في الشهر المقبل، فنحن حذرنا وأنذرنا من تلك الزيادة، وعلى الحكومة أن تشيل شيلتها بعد التطبيق.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق