ولنا رأي

عندما تحرك الدفار!!

صلاح حبيب

ظل دفار “الصادق الصديق” مرابطاً بساحة مستشفى دكتور “نجيب” التخصصي بالملازمين منذ أن دخلت السيدة “عواطف حبيب” المستشفى إثر تعرضها إلى حادث حركة أليم بشارع مدني، وهي على متن بص العقيدة ترافقها زوجة شقيقها “إبراهيم” (رشيدة) وابنة أخيها “صديق” (حفية) كانوا في طريقهم إلى مدينة ود مدني لحضور عملية جراحية لأحد أقاربهما، ولكن إرادة المولى جعلت الحادث يقع بالقرب من أبو عشر وهو نفس المكان الذي تعرض فيه شقيقها الأكبر “بشرى” إثر حادث حركة توفي على إثره في الحال، ظل الدفار مرابطاً منذ ذاك الوقت وأصبح من العلامات البارزة في المستشفى إذ يجلس بجواره كل الذين يأتون لزيارة السيدة “عواطف” بل أصبح تجمعاً لعدد من ذوي المرضى، كان الأمل يزداد يوماً في خروجها بعد إجراء العملية الجراحية لها، ولكن أقدار الله دائماً لا تأتي كما تشتهي النفس البشرية ففي كل يوم كانت تتعرض إلى امتحان قاسٍ من المرض المتنوع، فأما بطلب صورة مقطعية للرأس بعد أن توقف القلب فجأة ثم الدخول إلى العناية المكثفة والتنويم الكامل، كانت في كل مرة تخرج وتتحدث معنا، وكلها أمل أن تكون آخر الوعكات ثم الخروج النهائي، ولكن القدر لم نعرف ماذا كان يخبئ لنا ففي ليلة رأس السنة دخلت عليها ووجدتها كاملة الوعي وقلت لها الليلة كان تكوني محتفلة معنا برأس السنة، ردت علىَّ قائلة يا ريت، فرد علىَّ أحد المشرفين بالعناية المكثفة قائلاً نحن الليلة محتفلين بها وبكل المرضى بالمستشفى، فقالت لي الناس ديل ما قصروا معاي جيبوا ليهم تورتة، وبالفعل أرسلنا لها وتم الاحتفال داخل العناية وأخذنا لها الصور وهي في كامل وعيها، ولكن إرادة المولى في كل يوم تدخلنا في امتحان، ففي اليوم الثاني من الاحتفال تقرر أن تخرج إلى العنبر، ولكن جاء الامتحان الأصعب فاتصل على ابن أخي الصباح قائلاً: إن العمة توقف قلبها للمرة الثانية وتم تنشيطه فعادت إلى الحياة من جديد، حمدنا الله على ذلك وواصلنا العلاج المطلوب مننا يومياً الحقن والدربات كنا نسأل الأطباء يومياً عن حالتها ولماذا كل هذا التأخير وهل كسور الصدر تؤدي إلى تلك الحالة المتطاولة، ولكن لم نجد إجابة شافية منهم إلى أن أتى طبيب من خارج المستشفى وهو من المتخصصين في أمراض الصدر، فطلب من المشرف داخل العناية أن يخفض درجة الحرارة وأن تغطى ببطانية وأن تجرى لها مكمدات ساخنة لأنها تعرضت إلى درجة حرارة منخفضة (ثلاث درجات تقريباً) بعد أيام من مرور هذا الطبيب اتصلت عليه هاتفياً أن كان بالإمكان نقلها إلى مستشفى أخرى لأن الحالة ثابتة، في المساء التقيت بالأستاذ “أحمد نجيب” المدير العام للمستشفى، وابن الدكتور “نجيب” فقال لي الحمد لله اليوم أنا في قمة السعادة، سألته عن السبب فقال لي لقد تحركت “عواطف” وبدأت تحس وبدأت تفتح أعينها بالإضافة إلى إكمال سعادتي خروج اثنين من المرضى بالعناية إلى الغرف، وعقبال لـ”عواطف”، ثم قال لي أكتم السر، ونسأل الله أن يكمل لها الشفاء، بعد حديث الأستاذ “أحمد” نسيت موضوع نقلها إلى مستشفى أخرى، ولكن لم استطع رؤيتها مرة أخرى داخل العناية، لم احتمل دائماً رؤية ممن أحبهم في تلك الأوضاع فكلما سألني أحد، هل دخلت عليها وشفتها؟ فكنت أجيبه نعم دخلت عليها وشفتها وهي كويسة، ولكن لم ندرك أنها كانت أياماً لترحل عننا.
نواصل غداً..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية