رسائل (حميدتي)
دفع نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول “محمد حمدان دقلو” (حميدتي)، برسائل قوية توضح ما خفي عن العلاقة بين المكونين المدني والعسكري على حد سواء، في إدارة الفترة الانتقالية خلال الحوار الذي أجرته معه فضائية “سودانية 24″، حيث أشار الرجل إلى انتفاء الشراكة الحقيقية بينهما، ورأى أن الأفضل لهم كمكون عسكري أن يعودوا إلى ثكناتهم بعد هذا المشوار، طالما أن الوضع هكذا، الرجل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال إن قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة، منعتهم من معالجة الأزمات وإن ما يقومون به مساعدة تحت “التربيزة”.
حوار (حميدتي) حمل قدراً كبيراً من الشفافية، وأشار فيه إلى مواقع الخلل في الأداء التنفيذي بما ينبئ بأن هناك مشاكل ومعوقات حقيقية لا بد من معالجتها.
الرسائل التي صاغها (حميدتي) في الحوار تصلح لأن تكون برنامجاً لتصحيح المسار، تستفيد منه الحكومة إذا أرادت إلى ذلك سبيلاً، ولكن يبدو من حديث (حميدتي) إن البعض من عناصر قوى الحرية لا يعجبها أن يكون هناك تناغم بين المكونين في إدارة شأن البلد، وهذه هي العقبة الحقيقية التي تقعد بالأداء التنفيذي، بل يتراجع إلى الوراء كما هو واضح الآن، ويبدو أن مخاوف هؤلاء السياسيين من وجود العسكريين هو واحد من الأسباب التي تقود عناصر من قوى الحرية إلى إحداث حالة التشاكس بأسباب واهية، (حميدتي) بخطوته في طرح مبادرة لتوقيع ميثاق شرف بين المكونين لمنع الانقلابات العسكرية خلال الفترة الانتقالية، يكون قد قطع الطريق على قوى الحرية في البحث عن أسباب الخلاف، فعلى هؤلاء أن يهرولوا وراء هذا المكسب الذي وضعه نائب رئيس المجلس العسكري أمامهم ويجعلوه ضامناً لعبور الفترة الانتقالية دونما مخاوف.
رسائل (حميدتي) على قساوتها يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة لعمل المكونين العسكري والمدني إذا أراد الأخير إحداث تغيير إيجابي لمصلحة البلد والمواطن الذي جاء بهم كمنقذين، على المجلسين السيادي والوزراء، أن يلتقيا عند نقطة الملاحظات الصريحة التي أبداها (حميدتي) لتبدأ المعالجات، وإلا فإن الفترة الانتقالية ستنتهي دون أن تعالج الحكومة المشكلات الحقيقية المتعلقة بمعاش المواطن ودون أن تضع أساساً جيداً لما بعد الفترة الانتقالية من التهيئة للانتخابات العامة أو غيره.. والله المستعان.