من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى أحداث 19 ديسمبر، الوقود والنقود والخبز، وظلت المشكلة في تفاقم حتى بلغت مرحلة اقتلاع الحكم من نظام الإنقاذ، وعاش الشعب السوداني على أمل أن تُحل المشاكل الثلاث بعد قيام الثورة أو أحداث التغيير، ولكن المشكلة مازالت قائمة ومازالت المشاكل كما هي على الرغم من الدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وبعض الدول التي لم نعرفها، ولكن هل الاعتماد على الهبات والدعم الخارجي أو الهبات يمكن أن يحل مشكلة البلاد ، نتحدث كثيراً عن موارد البلاد التي يمكنها أن تكفي وتمنح الدول الأخرى ولكن حتى الآن، والحكومة التي تكونت قبل ثلاثة أسابيع أو شهر لم نر تغييراً قد طرأ على الحياة العامة، فالأسعار في تصاعد مستمر والمواطن في حالة صمت ووجوم والدولة لم نسمع أنها قد ذهبت إلى الأسواق ووقفت على حالها ، واستفسرت عن الأسباب التي أدت إلى تلك الزيادات الفلكية، كل هذا لم نسمع به، وفي ظل الغياب الحكومي كل واحد بيشتغل بطريقته الخاصة طالما الحكومة لا تسأل، والمواطن عاجز عن اتخاذ قرارات أخرى يمكن أن يغير بها الوضع، إن الهبات والإعانات تُمنح لفترة زمنية محددة فهل المملكة العربية السعودية سوف تدعم الدولة ستة أشهر أخرى؟، وهل موقف دولة الإمارات هو نفس موقف المملكة في عملية الدعم؟ ، إن المشكلة الاقتصادية في زيادة والآن تعيش العاصمة أزمة وقود وشح في الخبز وارتفاع في كل السلع الأساسية ولم نر بارقة أمل في الحل ولا ندري كيف تتعامل الحكومة مع الوضع المتأزم الآن، وفي ظل شح الوقود ارتفعت أسعار المواصلات بزيادة غير محتملة للعمال والموظفين ولم نر بارقة أمل في حل مشكلة المواصلات التي قيل بأن هناك ما يقارب الخمسمائة بص في المملكة العربية السعودية تم الاتفاق بصورة نهائية على سبعين بص، لا ندري أين البقية وما هي الجهة التي تقوم بكل هذا العمل، لقد دب اليأس في النفوس، فالثورة التي خرجت وكانت الظروف المعيشية أحد أسبابها، يجب على الحكومة الحالية ومن خلفها الحرية والتغيير أن تسرع في إيجاد البدائل وإلا فإن الثورة القادمة لن ترحم أحداً، خاصة وأن التظاهرات بدأت في مدن البلاد بسبب شح الخبز وانعدام الوقود ، وأصلاً الثورة انطلقت شرارتها من الولايات.
إن الوضع الحالي لا دخل له بالدولة العميقة التي قيل بأنها وراء كل تلك الأزمات، ولكن الدولة العميقة جمع أفرادها المال والآن يريدون أن يستمتعوا به وليس من مصلحتهم أن يتعكر صفو هذه الحكومة، فهم ينشدون الأمن والاستقرار للاستمتاع بما لديهم من مال، خاصة الذين لم تحم حولهم أي شبهات ، أما الذين يخشون على أنفسهم من طائلة القانون فابتعدوا من البلاد واتخذوا لهم مكاناً أمناً في بعض الدول العربية أو الأوربية أو الأفريقية أو ذهبوا إلى ماليزيا أو إلى تركيا، لذا على الحكومة الحالية أن تعمل على حل المشاكل التي كانت سبباً في قيام الثورة، وأن تعتمد على نفسها فالهبات والإعانات حدها قريب، فإذا لم تكن هناك خطة مدروسة للخروج من تلك الأزمات فالشارع لن يرحم.