كل المؤشرات تؤكد أن الغالبية العظمى من الشعب السوداني لن تستطيع على الأضحية هذا العام، والسبب أن الأسعار أصبحت في السماء، فأصحاب البهائم من الآن بدأوا يروجون إلى خرافهم التي يبلغ متوسط بيعها ما بين سبعة آلاف جنيه إلى اثني عشر ألف جنيه وهذه الأرقام لن تستطيع عليها الأسر المتواضعة، فالأضحية مناسبة عظيمة لدى المسلمين عامة ولدى السودانيين بصفة خاصة، فالمواطن السوداني أصبحت الأضحية عنده عادة أكثر منها عبادة بل تفاخر بين الأهل والجيران، فمن لم يضحِ أشبه بالمنبوذ في المجتمع حتى النساء في البيوت يصررن على الأضحية مهما كان الثمن وكذلك الأطفال، علماً أنها سُنة من سُنن الله، فمن لم يستطع فليس عليه شيء ولكن نحن في السودان لابد من الأضحية، ولكن هذا العام يختلف عن العام السابق، فقد كانت الأسعار في استطاعة بعض منهم، ولكن الغالبية العظمى من السكان لا يستطيعون عليها، فإذا كان الحال في الأعوام السابقة في غاية الصعوبة فكيف يكون الحال في ظل تصاعد الأسعار الجنوني وارتفاع كيلو اللحمة إلى أكثر من أربعمائة جنيه، فهل يستطيع الموظف الذي يتقاضى مرتباً شهرياً قدره ألفي جنيه هل يستطيع أن يضحي بأضحية أقلها سبعة آلاف جنيه، وحتى لو استدان متى يسدد تكلفة الأضحية الفائقة، هل يستطيع أن يسددها في عام كامل وأين متطلباته الأخرى، إن الجشع وصل بالتجار مرحلة تفوق الخيال فهل التاجر يعمل على امتصاص دم الآخرين بتلك الزيادات غير المبررة.. السودان ينتج ملايين من الثروة الحيوانية بأنواعها المختلفة أبقار وضأن وماعز وغيرها من الحيوانات الأخرى التي يقوم بتصديرها إلى دول الجوار فأسعارها بتلك الدول التي يصدر لها أقل من الأسعار الداخلية، فالسودان بلد المفارقات يمتلك كل شيء ولكن لا يستمتع شعبه بكل شيء من تلك المنتجات، فإذا كانت أسعار الخراف هذا العام بهذه الأرقام المتداولة في وسائل الوسائط أو في مناطق البيع، فمن الصعب على الأسر الفقيرة الاستطاعة على التضحية بل ربما الأسر المتوسطة التي تحاول كل عام التضحية ففي هذا العام من رابع المستحيلات أن تضحي مع الظروف الضاغطة في كل شيء، وإلا أن تكتفي كل الأسر الصغيرة والمتوسطة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ضحى بكبشين أملحين أقرنين، واحد عن أهل بيته والآخر عن (أمة محمد)، فأهل السودان هذا العام يمكن أن يكتفوا بذلك، أو تتنزل عليهم بركات من السماء أو يتدخل الفريق أول “محمد حمدان دقلو” (حميدتي) نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بتخفيض الأسعار أو اتخاذ قرار يكون في مصلحة الشعب أو دعم الأسر الفقيرة والاتحادات بكميات من الخراف التي تعمل على تغطية تلك الأسر، وإلا فإن الحال سيكون أصعب وستكون معظم الأسر في انتظار كوم من الأسر الغنية التي لديها الإمكانيات الوفيرة من المال واستطاعت أن تضحي رغم الظروف القاسية التي تمر على أهل السودان أو تحاول الاستفادة من المغتربين بإرسال مبالغ مالية في حدود الثلاثمائة ريال أو المية دولار حتى تتمكن من الضحية أو الاكتفاء كما ذكرنا بأن ضحى عن الأمة نبي الرحمة سيدنا “محمد” صلى الله عليه وسلم.