ولنا رأي

هل الكفاءة وحدها تكفي؟

صلاح حبيب

قبل سقوط نظام الإنقاذ كان الحديث يدور حول الكفاءة التي يمكن أن تسير الدولة، بل اتخذت الإنقاذ منه القرارات جاءت بموجبها حكومة الكفاءات والتي تبوأ الأستاذ “معتز موسى” حقيبة رئاسة الوزراء ووزارة المالية، فاجتهد الرجل ولكن في النهاية لم يستطع الصمود في مواجهة سيل من المشاكل، فالأستاذ “معتز موسى” شهد له الكافة بالانضباط الوظيفي والإخلاص في العمل بالإضافة إلى الخبرة التي مكنته أن يكون واحداً من الأشخاص التي نظرت إليه الإنقاذ ليتولى حقيبتين في وقت واحد، فالخبرة وحدها لا تكفي أن يكون الشخص رجل دولة يعمل على حلحلة كل الصعاب، ولم يكن الأستاذ “معتز” وحده الذي تضرر من الإسناد الوظيفي بدون أن يمنح المعينات التي تساعده في حل القضايا، فجاء من بعده الأستاذ “محمد طاهر إيلا” وهو من الكفاءات التي شهدت لها ولايتا الجزيرة والبحر الأحمر فحاول “إيلا” أن يخرج البلاد من الأزمات التي وقع فيها، ولكن وقفت المشكلة الاقتصادية عقبة في وجهه فلم يبارح محطة الإقالات وإغلاق بلوفة الفساد، ولكن كل الذي عمله لم يحسن في الصورة الاقتصادية وترنحت الحكومة حتى سقطت، فكان الاقتصاد واحداً من الأسباب التي عجلت برحيل الإنقاذ، اليوم سيتم الاحتفال بتوقيع الاتفاق النهائي بين قوى الحُرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي لبداية مرحلة جديدة بين الطرفين، وعلى الرغم من التكالب حول السُلطة ولكن هل الكفاءات المطروحة للحُكم هل بإمكانها أن تحل مشاكل البلاد خاصة أن الأسباب التي أدت إلى رحيل الإنقاذ يمكن أن تطل برأسها في أي لحظة، إن الفترة الماضية التي أحس فيها المواطن بالاستقرار وخفت حدة المشاكل الاقتصادية خاصة الخبز والوقود، فكان لدولتي الإمارات والمملكة العربية السعودية دوراً كبيراً فيها فلو لاهما لما استقرت الحياة بل ربما ظلت الاحتجاجات مستمرة، لذا فإن العنصر المالي واحد من أسباب استقرار أي دولة، فغداً سوف نحتفل بالاتفاق ولكن من أين للدولة الجديدة بالموارد المالية التي يمكن أن تسير بها الدولة؟ فالإنقاذ كانت تطبع النقود، والطباعة كان لها أثر سالب في الاقتصاد لذا فإن الدولة الجديدة سوف تواجه مشكلة الكاش خاصة وأن الدولة الآن لا موارد لها، وحصائل الصادر لم تدخل البلاد وكل المال عبارة عن هبات تتبرع بها الدول العربية والأجنبية، فدولة الإمارات والسعودية التزمتا بدفع مبلغ مالي لشراء القمح والوقود، ولكن هل يمكن لهما الاستمرار في هذا الدعم، إن هناك حداً سوف يتوقف فيه هذا الدعم بالتأكيد الدعم سوف يتوقف بعد يوم أو أسبوع أو عام، فلذلك لابد من خطة تستطيع بها الحكومة الجديدة معالجة قضاياها خاصة المعيشية، إن الأسماء التي رشحت لرئاسة مجلس الوزراء أو تولي المناصب الوزارية أو مناصب المجلس السيادي لن تحل المشكلة الماثلة أمامنا وهي المشكلة الاقتصادية ما لم يتجه الجميع للإنتاج.. فالوزراء الجُدد ليس في أيديهم عصا “موسى” لحل المشاكل الداخلية، إن الفترة الانتقالية ليست بالسهلة وليس بمقدور الوزراء أن يقدموا ما عجز أن يقدمه الآخرون فالسودان له من الإمكانيات الكبيرة التي تمكنه من الخروج من الأزمة ولكن في حاجة إلى همة عالية من الجميع، فمن يعمل في الزراعة يجب أن توفر له الدولة الإمكانيات التي تدفعه للإنتاج ومن يعمل في الصناعة على الدولة أن توفر له الوسائل التي يحتاج لها، فكل إنسان في مجال عمله لابد أن توفر له الدولة احتياجاته إعفاء ضريبي أو جمارك أو غيرها من الرسوم التي تقعد هذا المواطن من العمل وإلا فإننا سوف نعود إلى المربع الأول.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية