فلندعم أولاً عملية السلام… ونبارك التوقيع
أمل أبوالقاسم
ما زالت الأجواء ملغومة ومتوترة بفضل الأقاويل والأخبار المتناثرة هنا وهناك، تارة تطمينات، وتارة تحليلات مزعجة، وتكهنات مشوبة بالخوف والحذر. بيد أن مؤشر التطمينات والتباشير ينبغي له أن يكون الأعلى. فبالأمس ورد أنه وفي ختام اجتماعات قوى الحرية والتغيير وكل الحركات المسلحة أعلنت الأخيرة خلاله إيقاف الحرب فوراً في أول يوم تنصب فيه الحكومة دون أي شرط ولن تطلق رصاصة بعد اليوم في السودان، أعتقد أن هذا أعظم تطمين وتبشير عجزت عن إنجازه الحكومة الفائتة ، ربما بسبب أنها مغضوب عليها من جهتهم لأسباب جمة لم يفلح حتى الحوار الذي شرعت فيه بضمها إلى جناحيه. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه الحركات لم تتفق وتتوافق أول ذي بدء مع طرفي التفاوض على تشكيل السلطة والحكومة ما أدى لانتقاصه لكن وبعد تفاهمات منفصلة استطاعت قوى الحرية والتغيير إرجاعها فبعضهم طرف أصيل موقع معها، هذا إلى جانب أن حديثهم عن إيقاف الحرب ووضع السلاح يستحق وحده احتفالاً وكرنفالاً منفصلاً.
(2)
كأن أصحاب الغرض والمرض كانوا على عجل لإشعال الفتنة مجدداً باحتفاظهم وبثهم لصور ومقاطع فيديو تعود لفض الاعتصام ادخروها لعودة الإنترنت. نعم فالمقاطع مؤلمة والصور بشعة ومؤذية لكن هذه حقيقة تملكها الجميع ومشت عليها الأيام بالجديد الإيجابي الذي مات من أجله هؤلاء، وفوقها كانت أولى مطالبهم وشروطهم كشف حقيقة القتلة والمجرمين الذين ارتكبوا هذه الفظائع وتقديمهم للمحاكمة والإجراءات في ذلك تجري على قدم وساق، وهذا الأمر كما أسلفنا ليس حصرياً على قحت والثوار بل هو مطلب شعبي يهم كل السودان الذين تربط أفراده أواصر الدم والوطنية واللحمة الاجتماعية المتفردة بين العالمين. إذن إلى ماذا تصبون بهذه التصرف؟ والآن قُطِعَ شوط كبير في تحقيق الحكومة والحكومة المدنية التي ترغبونها بل كل ما طلبتموه تمت الموافقة عليه وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من التوقيع الذي يتنزل بالاتفاق على أرض الواقع.
وإن كنتم بذلك تعمدون لإدانة قوات الدعم السريع وحدها من خلال ممارسات بدأ فيها البعض متزيئاً بلباسهم فإن قائدها قالها مراراً إن قواته لا دخل لها بالأمر، بل أعلن إن من يثبت تورطه فسيحاسب وقد كان. فقبيل يومين جاء في الأخبار أن هنالك أكثر من مائة فرد منهم ألقى القبض عليه ممن شاركوا دون إذن منه شخصياً في فض الاعتصام. وللحقيقة فقد أثبتت الأيام ومن خلال تداعيات كثيرة أن هنالك جهات تستهدف الدعم السريع وحدها دون غيرها، وهذا إن دل إنما يدل على غيرة، وخوف، وحسد، ومحاولة هد وتدمير. لا ننفي أن هنالك بعض التفلتات من بعض أفرادها ويجب أن يحاسبوا محاسبة تتناسب ومخالفاتهم، وفي الوقت نفسه فإن الخدمات الأمنية الجليلة المتمثلة في عدد من الإنجازات تشفع للخلص والعقلاء الوطنيين منهم.
فيا هؤلاء ليتكم تدعمون عملية السلام والوحدة التي تتشكل وتلتئم هذه الأيام بذات الروح الوطنية التي ناضلتم بها من أجل السودان فقط لا غيره. وبعدها الحساب ولد ، وكل الشعب مع القصاص بعد تحقيقات شفافة وصادقة. ونتمنى أن نحتفل جميعاً اليوم بالتوقيع على الاتفاق.