بالواضح

محاذير على درب الاتفاق!!!

فتح الرحمن النحاس

 

لم تكن المدنية وليدة اتفاق (الخميس) بل كانت الولادة الحقيقية مع مطلع تسلم المجلس العسكري للسلطة، والشاهد كان ذلك (العرض المغري) الذي وضعه “عمر زين العابدين” العضو السابق للمجلس، ورئيس اللجنة السياسية، بين يدي قوى الحرية والتغيير، حينما طلب منهم أن يرفعوا للمجلس (بمقترح الحكومة المدنية على الفور) ، لكن طال انتظار المجلس ولم تصله قائمة الترشيحات…ثم كانت الهدية الثانية الأكثر إغراءً وشهيةً التي جادت بها جولات التفاوض الأولى بين الطرفين، وشملت (كامل الحكومة المدنية) ، و(67%) من المجلس التشريعي، لكن أفقدت المماحكات قطف الثمرة الحلوة.
رفع شعار (مدنية) أو (مدنياااااو) ، قصد منه صناعة (معركة متوهمة) تنتهي إلي ما يشبه إحراز (مكسب جديد) أو نصر وكأن ثمرته لم تكن أصلاً مطروحة، فالزهو المبالغ فيه (بالمدنية) عقب الاتفاق الأخير، يشبه صناعة معركة في غير معترك هي في حقيقتها استعراض أو تصعيد سياسي مقصود منه إيهام الناس بإحراز هدف الفوز في مرمى المجلس واستلام الكأس عن جدارة من خصم هو ليس خصماً كما يقولون!!.
استدعاء التصعيد وتهييج الشارع الشعبي، لن يكون متاحاً طول الوقت كما يظن بعض أطراف قوى التغيير، فكلما زاد استخدامه كلما (انخفض منسوبه) حتى يأتي اليوم الذي يجف نبعه تماماً، فهذا من المحاذير بل الأضرار التي قد تنسف توقعات الشعب….ثم هنالك مسألة (حكومة الكفاءات المستقلة)، فهل ستكون كاملة الاستقلال أم ستتسرب إليها كوادر حزبية (سرية؟!)…وما هي معايير الاختيار الأخرى؟! وهل وضعت الجهة المختصة بالاختيار في حسبانها حملة(الجنسيات المزدوجة؟!) فليس من الممكن أن ينجح (صاحب بالين) في منصب عام بحكم ما يتنازعه من مزاجين مختلفين.
ثم ماذا يعني أن يكون دور مجلس السيادة (إشرافياً) فقط؟! وإن كان كذلك ما قيمته أصلا؟ وهل يعني هذا أن يكون الأمن العام وسيادة الوطن في مهب رياح قوى مدنية قابلة للاختلاف في أي لحظة؟! من من الطرفين تكفل للرأي العام بتفسيرات مقنعة للرأي العام السوداني حول بنود الاتفاق؟!.
ليس من المفهوم أن يصاحب مناخ الاتفاق نبرات تتحدث عن أحقية قوى التغيير ذات الألوان الحزبية، بتعيين الحكومة، فكيف إذاً تكون الحكومة من كفاءات مستقلة؟! كنا نعتقد أن (جهة محايدة) غير حزبية هي من يتولى هذه المهمة…فإن انتفى وجودها، فهذا يعني أن الاتفاق موبوء (بداء الإقصاء)، الذي سيفضي إلي اضطرابات وخصومات عنيفة خلال الفترة الانتقالية فتضيع كلها وسط الصراعات والتجاذبات.
ارتكاز الاتفاق على (دائرة ثنائية) بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، قد ينسفه كله أو على الأقل إصابته بالتصدع، فهل تم تدوين هذه المحاذير في مفكرة الطرفين؟!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية