{ قبل أيام قلائل كنت في زيارة صديق عزيز جداً من شباب البر والإحسان الذين امتدت أياديهم البيضاء إلى كل أصحاب الحاجات والاحتياجات الخاصة، خاصة (الأيتام والأرامل والمرضى ) وصديقي هذا أسأل الله أن يواليه بالصحة والعافية، ظل يعاني من ضيق في التنفس قدر له أن يخضع للعلاج بمستشفى الحصاحيصا بالتحديد في ( عنبر الصدر أو الصدرية)، والحقيقة وأنا أهم بالدخول لهذا الذي حمل اسم عنبر الصدرية، والحقيقة أن شكل العنبر من الخارج كان يطمئن إلى حد ما ، طلاء جميل باللون البيجي ولكن أول ما تضع قدمك داخل عمق العنبر عينك ما تشوف إلا ( الشقوق ) والأتربة والغبار والعنكبوت و( الكتمة ) و(السخانة) بالإضافة إلى ( الحمامات المتعفنة ) وغيرها من السلبيات التي حولت العنبر إلى شيء أشبه بـ(غرفة الأشباح ) تحيط بجوانبه برك من مياه الأمطار الراكدة ومياه الصرف الصحي الآسنة .
{ ومن الوهلة الأولى يتأكد لك بأن هذا المكان العشوائي الذي سمي (عنبر) غير مطابق لمواصفات الرعاية والعناية الطبية والمواصفات الهندسية لاستضافة الأصحاء الأقوياء ناهيك عن المرضى، وأي مرضى يا هؤلاء هم مرضى يعانون من ضيق في التنفس وأزمات صدرية والتهابات حادة في الصدر، كل هؤلاء داخل عنبر متصدع تنتشر فيه بيوت وخيوط العنكبوت والتراب الناعم عالق بالسقف والأركان، و على واجهات الحوائط تلاحظ بأن (الجير) الداخلي وصل إلى مرحلة من القدم حتى اهترى وتشقق وتقشر وأصبح جاهزاً للطيران ثم السقوط على أجساد المرضى ومرافقيهم خاصة مع حركة الرياح وزحف ( السحالي والضبوبة ).
{ بالله عليكم هذه حالة مستشفى تتبع لوزارة اسمها وزارة (الصحة) ويقودها طبيب يفترض أنه صاحب خبرة طويلة تجعله يحرص على تصحيح هذه الصور المقلوبة أو تقديم استقالته .
{ مستشفى الحصاحيصا حتى وقت قريب كانت لا تقل عن مستشفى الخرطوم في عصرها الذهبي عندما كانت الصحة صحةً والطب طباً والتمريض تمريضاً والرعاية رعايةً والعناية عنايةً والغذاء غذاءً والنظافة نظافةً والنظام نظاماً والضبط والربط والإحساس بالمسؤولية تجاه جميع الحالات (الباردة والحرجة ) وغير ذلك من علامات التمام والكمال الصحي عبر تقديم الرعاية الطبية والخدمات العلاجية التي كانت تتوفر داخل كل المستشفيات الحكومية في ذلك العصر وحتى وقت قريب بالمجان قبل أن تسوء حالة الصحة في بلادنا و تصل إلى مرحلة الهرج والمرج والفوضى الحاصلة حتى الآن .!!
{ يا هؤلاء ذكرنا أكثر من مرة بأن مستشفيات وعنابر الصدر والقلب في كل العالم هي الأفضل والأميز من ألف البيئة والعمران إلى ياء الرعاية والعناية الطبية بجانب توفير الاحتياجات العلاجية وكل شيء في هذه المشافي لابد أن يتم بمواصفات وجودة عالية.لأن هذه الفئة من الحالات المرضية (القلب والصدر) بالذات لا تحتمل أي ذرة تراب عالقة ولا لحظة كهرباء قاطعة.
{ حقاً متى يصحو المسؤولون عن هذا القطاع الحساس وينتبهوا للواقع الصحي الذي (أوقع ) الدور الصحية بكل مدن السودان في حفرة التردي والخراب والدمار وعدم الإحساس بالمسؤولية ( مباني خربة وكوادر طبية بلا رحمة ) .
{ وضوح أخير :
{ يا ليت وزير الصحة الاتحادي ومسؤول الصحة بولاية الجزيرة ومعتمد الحصاحيصا يسجلون زيارة عاجلة إلى مستشفى الحصاحيصا ويقفون بأنفسهم على الأوضاع المأساوية التي ظل يعانيها المرضى في كل العنابر وفي وحدة الطوارئ والحوادث، و يا ليتهم يستعجلوا في إرسال فريق تفتيش إلى هناك ليرصد الواقع المؤلم والحالة الحرجة التي وصل أليها مستشفى الحصاحيصا وغيره من المستشفيات الولائية التي ظلت تعاني من التدهور والانهيار وصارت تمرض أكثر مما تشفي !!.