من أسباب خروج الشباب في ديسمبر الماضي إلى الشارع والمطالبة برحيل الإنقاذ كانت ثلاثة موضوعات على رأسها قفة الملاح وانعدام النقود وندرة الوقود، لم تتحرك الحكومة بصورة ايجابية قبل الثورة، وظلت تماطل ظناً منها أنها المتحكم الحقيقي في كل الأشياء، واستمر الثوار في ثورتهم، ووجدت مناصرين لها من كل الفئات حتى سقطت الإنقاذ، وتوقع الشباب أن يتحول الحال إلى الأفضل، ولكن مازال الحال كما هو، فقوى الحرية والتغيير الذين قادوا الحراك من أجل غدٍ مشرق، ولكن الصراع حول كرسي السلطة وحتى المجلس العسكري الانتقالي الذي انحاز إلى ثورة الجماهير لم يقل عن قوى الحرية والتغيير في السعي نحو السلطة، وأصبحت القضايا التي نادت بها الجماهير تخفيض الأسعار خاصة السوق، ولكن السوق في ظل الغياب من الطرفين المتصارعين ظل متصاعداً في كل شيء كأنما الموقف هو إبان فترة الإنقاذ، فالتجار كل يبيع بالسعر الذي يناسبه، وأسعار السلع تضاعفت (100%) والدولة في حالة غياب، لذا فإن لم تلتفت الحكومة إلى الأوضاع الحالية بالأسواق فمن الصعب السيطرة عليها، وعيد الأضحى إذا لم يحصل التوازن فمن الصعب أن تضحي حتى الأسرة الوسطى وليس الفقيرة، والمدارس على الأبواب فهل تستطيع الأسر التي لها أكثر من تلميذ في الصفوف الدراسية المختلفة أن توفر لهم احتياجاتهم من مصاريف ومن كتب وكراسات وغيرها من المستلزمات الضرورية لكل تلميذ، أما الاحتياجات المعيشية والضرورية فمن الصعب الحصول عليها في ظل تصاعد الأسعار اليومية، نحن دولة منتجة لكل ما يؤكل ويشرب، فليس من العقل أو المنطق أن يكون سعر كيلو اللحم أكثر من أربعمائة جنيه والزيوت بأسعار ليست في مقدور الأسر المتواضعة ،أما الألبان فحدث ولا حرج إن كانت الألبان المجففة أو الألبان السائلة ، وكذا الحال بالنسبة إلى الخضروات التي ارتفعت أسعارها جميعاً البصل والكوسة والطماطم والجزر والعجور والليمون الذي لم يتوقع أحد أن يصل الكيلو منه إلى مائة جنيه، وكما غنى المغني (والله قام اتعزز الليمون).. السودان يُعد سلة غذاء العالم ،ولكن هذه السلة لم تكف نفسها حتى الآن ناهيك أن تكفي العالم في ظل الطمع والجشع من قبل السماسرة والعطالة ، إن الوضع بالأسواق يحتاج إلى هزة قوية من قبل المجلس العسكري الانتقالي ومن قبل والي ولاية الخرطوم ومن قبل المعتمدين لا ندري أين هم الآن، وهل فعلاً المشكلة كانت في الإنقاذ أم أن المشكلة في أولئك التجار الذين ينظرون إلى الكسب المادي أكثر من مراعاة حالة البسطاء من المواطنين، على المجلس العسكري وقبل تكوين الحكومة المدنية أو العسكرية التي لم يعرف متى سيتم تشكيلها، يجب على الوالي وبعض أعضاء المجلس أن يمروا على الأسواق في محاولة لضبطها أو إعادتها إلى ما كانت عليه على الأقل الفترة التي أعقبت التغيير، فالأمر لا يحتمل والمواطن الذي صبر كل تلك الفترة لن يصبر أكثر من ذلك، وكما قالت سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم للصبر حدود، فشعب السودان الذي صبر ثلاثين عاماً على الإنقاذ ومن ثم ثار عليها، يمكنه أن يثور على قوى الحرية والتغيير وعلى المجلس العسكري، لذا لابد من الالتفات إلى معاش الناس قبل الطوفان.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق