في وقت مضى حاول البروفيسور “مأمون حُميدة” وزير الصحة بولاية الخرطوم، تجفيف المستشفيات خاصة مستشفى الخرطوم بما فيها مستشفى الشعب التعليمي، الصُدفة ساقتني أمس أن أزور مريضاً بالمستشفى، فلم اصدق أن في ولاية الخرطوم مستشفى بهذا المستوى من التردئ البيئي ولا أدري أين المسؤولين من تلك المستشفيات، ولماذا انهارت تلك المستشفيات ووصلت إلى تلك الحالة من السوء، إن وزارة الصحة يجب أن تهتم بالمرافق الصحية المختلفة وأن توفر لها الاحتياجات اللازمة من صيانة دورية للعنابر وإلى المباني الخارجية وإلى العمليات وكل مال يهم صحة المواطن بتلك المرافق، في وقت سابق كانت وزارة الأشغال تخصص مهندس مسؤول عن المرافق الصحية، فمستشفى الشعب واحدة من تلك المرافق ولا أنسى المهندس “سيف الدين عثمان أحمد دفع الله” كان المهندس المقيم بالمستشفى وكان حريصاً على صيانة كل جزء منها حتى الصنابير بالعنابر أو بالحمامات كانت تعمل بجودة عالية، الآن لم أصدق أن تلك المستشفى التي فاق عمرها السبعين عاماً أو أكثر لم أصدق أنها وصلت إلى تلك الحالة من التردئ فالمرضى يفترشون الأرض والخدمات العلاجية تقدم إليهم وهم على الأرض لا توجد نقالات بمستوى يليق بكرامة الإنسان والأسرة حدث ولا حرج، الكل يفترش الأرض عسى ولعل أن يجد على الأقل العلاج الذي يجعله يعيش بقية عمره، ولكن للأسف المريض في هذا البلد لم يجد الاهتمام والرعاية الكاملة فالمستشفيات أي الصحة والتعليم آخر اهتمامات الدولة لذلك إذا دخلت أي مستشفى حكومي تسأل الله أن يخرجك منه سالماً، الأطباء مغلوبون على أمرهم ماذا يفعلون في ظل هذا التردئ المريع والوزارة آخر اهتمامها المجال الصحي، لقد شهدت الفترة الماضية العديد من الصراعات والعراك في وزارة الصحة، بينما تفتقد المستشفيات للدواء والأسرَّة النظيفة وحاملة المرضى (النقالة) غير متوفرة وإن توفرت فحالها يغني عن سؤالها، وتكلفة العلاج بتلك المستشفيات تجاوزت الملايين ومن لم تتوفر له تلك الأموال فأما أن ينتظر العون من الأسرة أو من المنظمات الخيرية، والإنسان يسأل نفسه لماذا وصل العلاج إلى تلك التكلفة الباهظة؟ وما هي الخدمات التي تقدمها تلك المستشفيات إلى المريض حتى تطالب بمثل تلك المبالغ التي ليست في مقدور البسطاء من أهل بلادي، إن مستشفى الشعب عينة واحدة من عينات المستشفيات الحكومية التي تردت خدماتها ووصلت إلى تلك المرحلة البائسة هل يعقل أن تقدم الخدمات الطبية إلى مريض القلب أو أي نوع المرض على الأرض، هل يعقل ألا تكون هناك نقالات ذات مواصفات جيدة يحمل عليها المريض؟ هل يعقل ألا توجد كراسي متحركة ينقل بها المريض إلى مقابلة الطبيب أو إلى داخل الغرف، هل يعقل أن تكون حمَّامات المستشفى بهذا السوء الذي لا يتوفر حتى في حمَّامات الأسواق، إن وضع المستشفيات عموماً في حاجة إلى مراجعة سريعة، صحيح أحياناً مرافقو المرضى هم من أوصلوا تلك المرافق إلى هذا السوء إذا اعتبرنا كل مريض معه عشرة مرافقين وكل مرافق حامل معه أنواعاً من الطعام وقارورات المياه ويريد كل واحد أن يدخل الحمام للصلاة أو الاغتسال، فهل بإمكان تلك الحمَّامات أن تصمد شهراً ناهيك عن العام إذا لم تحسن الجهات المسؤولة نظافتها أكثر من مرة في اليوم، إن المسؤولية تقع على إدارة المستشفيات أولاً وعلى المرضى والمرافقين ثانية، فإن لم نحسن إدارتها بالمستوى المطلوب ستظل في حالتها المتردية، فلابد من إنقاذ ما يمكن إنقاذه.