ولنا رأي

بدعة اسمها تكريم المسؤول!!

صلاح حبيب

ابتكر حارقو البخور وضاربو الدفوف ومكسرو الثلج بدعة لم تكن موجودة بالبلاد، ألا وهي تكريم المسؤول أو حفل وداع له بعد فترة من الزمن قضاها في الوزارة أو الولاية، فالبدعة التكريمية التي انتهجها هؤلاء أن خلت من الغرض فلا بأس عليها، ولكن أن تكون مربوطة بخدمة وقتية أو آنية أو أي نوع من عمليات تكسير الثلج التي ابتدعت هذه الأيام، إن التكريم الذي أصبح سمة من سمات هذا الوضع لا تشبه المثل ولا القيم السودانية، وحتى المسؤول يجب أن يرفضها أن أحس من ورائها شيئا ما، أمس الأول أقيم احتفال ضخم بولاية الجزيرة، للوالي السابق، رئيس مجلس الوزراء الحالي، الدكتور “محمد طاهر أيلا” ومن خلال الاحتفال قدمت إليه هدية عبارة عن عربة فخيمة غالية الثمن، وقطعة أرض في مكان مميز كما ذكرت الأخبار، الدكتور “أيلا” يستحق التكريم للإنجازات التي قدمها لولاية الجزيرة، والكل شهد على عملية التطور الذي أحدثه في الولاية، ولكن أن تقدم له هذه الهدايا باهظة الثمن، كان من الأولى بها الفقراء والمساكين والمرضى فهم أحوج إليها من الدكتور “أيلا”، لأن “أيلا” مازال يتمتع بالصحة وأنعم المولى عليه بالمال الوفير وليس في حاجة إلى كل هذا، وحسناً فعل “أيلا” أن تبرع بكل الهدايا وأعادها إلى أهلها لتوظف على المحتاجين من المرضى وغيرهم من أصحاب الحاجات، ولكن التكريم بدعة ومن الأفضل للقائمين بأمره أن يوظفوا أموال هذا التكريم لقضايا ولجهات هم أحوج إليها، فأهل الجزيرة في حاجة إلى مشاريع فإذا كانت لهم أفكار جهنمية مثل هذا التكريم يجب أن يجمعوا المال لتوظيفه في مكانه، فهناك طلاب وأسر لم يجدوا قوت يومهم، وهناك من هم أحوج في هذه الظروف إلى المال للعلاج، وهناك من يسكن في راكوبة وفي حاجة إلى غرفة تضمه وعياله، وهناك من هو في حاجة إلى زير ليشرب منه، فالذين استطاعوا جمع كل هذا المال باستطاعتهم جمع أكثر منه وتوظيفه في ما هو أهم، فالدكتور “أيلا” رجل طاهر اليد واللسان ونقي القلب طاهر السيرة والسريرة فليس في حاجة إلى مثل هذه المهرجانات الشوفانية، بل في حاجة إلى دعمه في مهمته والوقوف إلى جانبه من أجل الوطن وليس من أجل شخصه، فبدعة الاحتفالات والتكريم أتى بها أصحاب المصالح، وإذا كان هناك احتفال وتكريم وكسير ثلج لماذا لم يعمل للنائب الأول الفريق “بكري”؟ لماذا تمت عملية التسليم والتسلم في صمت؟، ألم يكن للفريق “بكري” أهل وأصدقاء وناس ساعدهم ويستحق أن يردوا إليه الجميل؟ ألم يكن للعديد من الوزراء والولاة الذين غادروا محطاتهم ألم يكونوا في حاجة إلى مثل هذا التكريم؟، إن العاملين في المؤسسات المختلفة وأصحاب المصالح من النقابيين هم يعلمون كم سيحصلون من هذا التكريم، ولذلك جاءوا بهذه البدعة من أجل المصلحة الشخصية وليس من أجل الشخص المُكرَّم، لقد شهدت تكريم مسؤول من قبل إحدى النقابات رصع بالذهب والوشاحات ومنح أفخم السيارات ومنح شيكاً على بياض، فالعاملون في تلك النقابة هم أحوج إلى هذا المال وإلى هذه السيارة من هذا المسؤول، ولا أدري لماذا قبل هذا المسؤول بكل هذا؟ وهو يعلم أن هناك من هم أحوج إلى الذي منح إليه واستقطع من مال البسطاء بهذه النقابة، فشكراً للدكتور “أيلا” أن أعاد لأهل الجزيرة هداياهم لتوظيفها في ما هو أهم.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية