.. شيء محزن ومخزٍ للغاية، أن نكون نحن من علّمنا كل هؤلاء الرعاع من حولنا معنى التلفزيون والأخبار والبرامج، ويأتي علينا زمان أغبر لنرى فيه كل هؤلاء (الهوام) يتقدمون علينا في مجال الإعلام، بل ويتحكمون في سوق أخبارنا بما فيها أخبارنا نحن أنفسنا، ليس هذا فحسب بل ويوجهون رأينا العام الداخلي بما يريدون، ولما يتفق مع توجهاتهم وعلاقاتهم ومصالحهم .. !! .. شيء غريب أن يكون بيننا خبراء وإعلاميون كبار كدكتور “صلاح محمد إبراهيم” و”محجوب محمد صالح” ود. “عبد العظيم نور الدين” و د. “تيتاوي” و د. “عبد الرحيم نور الدين” ود. “حسن أحمد الحسن” و”محمد حاتم” و”عوض جادين” وبروفيسور “بدرالدين أحمد إبراهيم” و د. “موسى طه” و”حسين خوجلي” و”الهندي عزالدين” و”الطيب مصطفى” و”ضياء الدين بلال” و”أحمد البلال الطيب” و”الطاهر التوم” و”رحاب محمد طه” وغيرهم الكثير، بجانب الخبير العربي الكبير أستاذنا البروفيسور “علي شمو” الذي أسس مع نفر قليل، البنية الإعلامية العربية الحديثة في مجال (الميديا) والبث التلفزيوني .. ويكون مع كل هذا ترتيبنا الآن (الطيش) في مستوى التأثير الإخباري على الأقل في محيطنا الإقليمي الذي نعيش فيه ..!! .. كيف يعقل أن نكون نحن تاريخياً أحد أول اثنين من تلفزيونات المنطقة العربية والإفريقية كلها، بل وأول تلفزيون بإرسال ملوّن في هاتين المنطقتين بأسرهما ويكون حالنا الآن كما يراه الناس ..؟ .. وهل يعقل أن تكون كوادرنا الإعلامية الوطنية هي من أسست وقامت عليها أكبر محطة إخبارية في الشرق الأوسط وإفريقيا ممثلة في قناة الجزيرة، ونكون بمثل هذا التخلف في مجال الأخبار المرئية ..!؟ .. كيف هذا، ولماذا هذا ..؟ .. الغريب أن المعاناة من هذه الوضعية الضعيفة التي أصبحنا معها نتلقى استهزاءات ومهاترات بعض هؤلاء (الهوام) ظلت قائمة وملموسة ومتصاعدة حتى على مستوى ما يمس ثقافتنا وأعرافنا ومُثُلنا القومية، ومجتمعنا الكريم. وظللنا عاجزين ولوقت طويل عن الرد ومجاراة هذا العبث من قبل هؤلاء، وليس الرد والمجابهة ضد هذا الإعلام الذي يهاترنا، هو ما يجب أن يكون السبب المباشر لإنشاء فضائية سودانية إخبارية قوية تناطح مثيلاتها، ولكن ما يحتم ذلك هو حماية دولتنا وتاريخها وثقافتها وإرثها ومجتمعها من كل ما يمس هذه المكونات البنيوية ويعرضها للخطر، فقد أصبح الإعلام الآن سلاحاً متقدماً تهزم به الدول حتى في ميدان المواجهة العسكرية.. لم يعد الإعلام أغنية و(ونسة) و(طق حنك) و(طرفة) و(فلم عربي) ،بل على العكس تماماً فقد أصبح الإعلام بشكله الجديد والتقليدي أيضاً، هو ما يشكل وبالدرجة الأولى الاتجاهات الاجتماعية والسلوكية للمجتمعات وليس أي شيء آخر .. لذا فعلى أحدهم أن يضع الآن وفوراً حداً لتخلفنا المريع هذا، عبر إنشائه قناة إخبارية سودانية قوية تؤثر بفعاليتها على سوق الأخبار الإقليمي وتحمينا من تطاول الغير وتحفظ لنا كرامتنا وتكرم ريادتنا في هذا المجال الحيوي المهم ..!!
.. ولكن من يفعل هذا ..؟ ..
.. من .. ؟!!.