ولنا رأي

اعتقال تجار العملة لن ينعش الاقتصاد!

بدأت السلطات في تضييق الخناق على تجار العملة وربما اعتقل البعض منهم وقيل إن عدداً منهم قد أغلقت حساباتهم والسبب أن أولئك المضاربين في الدولار شكلوا خطورة على الاقتصاد السوداني بمضاربتهم في كل العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار، ولكن تلك السياسة لن تنعش الاقتصاد وقد تم تجريب تلك الوصفة إبان الحكم المايوي وتمت مصادرات من تجار العملة والبعض منهم استتابته، وفي بداية عهد الإنقاذ تم إعدام عدد من تجار العملة باعتبارهم السبب الأساسي في تخريب الاقتصاد، ولكن الدولة وأولها بنك السودان ووزارة المالية يعلمون أن سياسة مطاردة تجار العملة أو اعتقالهم أو مصادرة أموالهم أو الزج بهم في السجون لن تقدم أو تؤخر في ذلك، لأن السودان فقد مورداً مهماً ألا وهو خروج البترول من ميزانية الدولة مما أثر على اقتصادنا وبذلك ارتفع سعر الدولار إلى أن وصل إلى سبعة جنيهات تقريباً، وحتى تجار العملة عندما كان الاقتصاد في قمة انتعاشه كان تجار العملة يعملون ويضاربون ويسألون الناس وعلى الهواء الطلق وهم يحملون رزماً من الجنيه السوداني يسألون الناس صرف صرف دولار ريال أي عملة أجنبية، والأمن الاقتصادي لا يسألهم ولم يطاردهم ولم يعتقلهم، وهذا يعني أن تجار العملة لم يكونوا السبب الأساسي في تدهور سعر الجنيه السوداني أو تخريب الاقتصاد الوطني، فالحل الوحيد أو محاربة أولئك التجار بضخ عملات أجنبية عبر الصرافات والبنوك، مع إيجاد مداخل أخرى لإنعاش الاقتصاد السوداني، ولكن محاربة تجار العملة واعتقالهم لن يحل المشكلة وربما زادها لأن اعتقال التجار يعني تجفيف السوق من الدولار أو زرع الخوف في القلوب ولذلك سيتم البيع بسرية تامة وفي أماكن محددة وربما في غرف مغلقة وهذا سوف يضاعف السعر أكثر عما كان عليه، بمعنى إذا كان سعر الدولار في السوق الموازي اليوم سبعة جنيهات مع هذا التشرد ربما يصل إلى ثمانية، وماذا ستفعل السلطات مع الذين يحملون عملات صعبة وهم خارجون من البلاد للعلاج أو للنزهة أو للتجارة أو للدراسة هل ستعود الاقرارات من جديد، وهل كل من يعثر عليه وهو يحمل عملة صعبة وهو خارج من مطار الخرطوم سيعرض نفسه للعقوبة ومصادرة العملة التي كان يحملها؟ وهل سيتفنن أولئك الذين يحملون عملات صعبة وهم خارجون في كيفية إخفاء تلك المبالغ.
إن السياسة التي يمكن أن يتبعها بنك السودان أو وزارة المالية أو الأمن الاقتصادي أن يجدوا بدائل ستزيد من العملات الصعبة وبالطرق المشروعة هنا يمكن أن نحارب تجار السوق السوداء والمضاربين والآن هناك بشريات عن إنعاش الاقتصاد الوطني وتراجع سعر الدولار بزيادة الاكتشافات في مجال النفط، وقد بشر الدكتور “عوض الجاز” وزير الطاقة الفترة الماضية بزيادة إنتاج البلاد من النفط من حقلي حديدة وبرصاية بستة عشر ألف برميل يومياً، بجانب المساعي الجارية مع دولة الجنوب لاستئناف الضخ من بترول الجنوب، وهذا هو الحل لاستقرار الاقتصاد واستقرار سعر الجنيه السوداني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية