يعدّ الشعب السوداني معلم الشعوب في الممارسة السياسية وفي كيفية امتصاص الغضب والوصول إلى حلول بينه وبين قيادته، فالأزمة السياسية التي تفجرت الأيام الماضية وظنّ البعض أنها قاصمة الظهر، إلا أن بوادر الحل بدأت تلوح من نفس الأشخاص الذين يدّعي البعض أنهم سبب الأزمة، فطرحت العديد من المبادرات التي يمكن أن تكون واحدة من الحلول التي تخرجنا من هذه الأزمة فالإمام “الصادق المهدي” ورغم معارضته إلا أنه يعدّ أحد حكماء هذا الوطن، فقد حباه المولى بالعلم وذخيرة من المعرفة والتجوال في البلاد داخلياً وخارجياً فكلها ذخيرة تساعده في قياس الأمور بميزان العقل والحكمة وليس ميزان الطيش، فطرح مبادرة للوصول إلى حل للمشكلة الوطنية قال: نوجّه للسيد رئيس الجمهورية بمقابلة ممثلي القوى الشعبية والمهنية والمدنية المطالبة بنظام جديد للاتفاق على تفاصيل العبور نحن والنظام الجديد. وأطلق الإمام على تلك المبادرة الكبسولة؛ يقوم عبرها النظام الجديد الذي يحقق السلام الشامل والتحول الديمقراطي بصورة قومية دون مخاشنة، ورفض إعلان الطوارئ ضد حركة مدنية سلمية تمارس حقها في التعبير السلمي عن مطالبها ومنح السلطات حصانة لإجراءاتها. وقال إن القوات المسلحة قومية وظيفتها الدفاع عن الوطن ضد الأعداء وطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين، إن المطالب التي نادى بها الإمام “الصادق” عبر تلك المبادرة لم تنقص من هيبة الدولة ولم تجعلها تتراجع عن سلطاتها في حماية الأرض والعرض والوطن ، فنحن في حاجة إلى حكماء في هذا الظرف الذي تموج فيه البلاد بتلك الاضطرابات التي يمكن أن نفقد بسببها هذا الوطن الجميل المتسامح ولم يكن الإمام “الصادق” هو الوحيد الحادب على مصلحة الوطن، أيضاً هناك مشفقون عليه من الضياع فتقدم الحزب الاتحادي بمبادرة أيضاً تمثلت في أربع عشرة نقطة. وقال الأستاذ “محمد يوسف الدقير” مساعد الأمين العام للشؤون السياسية إن المبادرة تتمثل في:
أولاً الترحيب بخطاب السيد الرئيس لما فيه من تسامح وإعلاء قيمة الحوار الوطني والاعتراف بالأزمة الحالية باعتبارها خطوة أولى نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي ونادى الحزب بحل الهيئة التشريعية القومية وتكوين جمعية تأسيسية من كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي يوكل لها كتابة الدستور الدائم بالبلاد ومن ثم إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة، إن المبادرات المطروحة من تلك الأحزاب الكبيرة هي البداية الحقيقية لتعافي الجسد السوداني من مرض الاضطرابات التي شهدناها ويشهدها العالم من حولنا؛ عربي أو أوربي، ولكن بالتأكيد الوصفات السودانية لا مثيل لها لأنها تكون مسبوكة بثقافة أهل السودان وطيبتهم وحبهم لبعضهم البعض ولتراب هذا الوطن الممزوج بالأمل والخير والتفاؤل، لذا فإن الحكومة لن تجد مخرجاً من هذه الأزمة وضرب المتآمرين عليه، إلا من خلال هذا الطرح العالي الهمة؛ فالسيد الرئيس بعد أن أصبح في مسافة واحدة من كل أهل السودان لن يتوانى في الاستماع إلى صوت العقل وتحكيمه من أجل أن يظل السودان بلداً يسكنه الجميع في إلفة ومحبة وسلام ، بعيداً عن أقوال المتهورين وأصحاب المصالح الدنيوية، فالسودان بلد متسامح قل أن تجد مثله في المنطقة العربية والإفريقية، ولذلك نجد الكثيرين من فاقدي المعرفة والتجربة ينصاعون إلى الأصوات المخربة والمدمّرة، لا يستخدمون عقولهم بل تجرّهم عواطفهم كما جرت من قبل إخوتنا في جنوب السودان الذين انصاعوا لهوى الغرب فعملوا على فصل البلاد فأصبحوا فاقدي الهوى والهوية، فلم يكونوا ضمن الوطن الواحد ولم يكونوا ضمن وطنهم الجديد لذا نأمل أن تكون تلك المبادرات محاولة لرسم طريق جديد للبلاد.