ولنا رأي

على من ترسو السفينة؟!

صلاح حبيب

حدثني أحد وزراء دارفور وواحد من الذين شاركوا في الإنقاذ منذ بداياتها، ولكنه غادر الوزارة والبلاد، لا أدري إلى أين استقر به المقام، قال لي لديهم مثل في دارفور يقول إذا كانت هناك قطية واحدة وكان هناك عدد من الناس وهطلت الأمطار فإلى أين يذهب هؤلاء؟ فقال لي بالتأكيد سوف يذهبون إلى تلك القطية، وحينما تقف الأمطار بالتأكيد كل واحد يخرج ويمشي إلى حال سبيله، فالمثل الدارفوري الآن ينطبق على الإنقاذ التي كانت أشبه بتلك القطية التي جمعت كل الناس من حولها فأكلوا وشبعوا من خيرها، وحينما هبت تلك الهبة التي ظنوا أنها سوف تقضي على الأخضر واليابس، حاولوا الخروج منها يتوقعوها فكان أول الهابطين السيد “مبارك الفاضل” مستشار رئيس الجمهورية، كأول وظيفة له، ثم مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس الوزراء، والدكتور “غازي صلاح الدين العتباني” مسؤول ملف دارفور، قبل أن ينزع منه ويعطى إلى الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية الأسبق، وبالأمس ودون أي مقدمات نزل الدكتور “أحمد بابكر نهار” من السفينة بعد أن ظل لعدد من السنين وزيرا للتربية والتعليم الاتحادي، ووزير العمل والبيئة، تنقل في معظم الوزارات، وحينما اشتدت الهبة خرج حتى لا يحاسب أن حدث التغيير، ولكن في ظني هذا عدم وفاء، فهذه الحكومة هي التي صنعت تلك الأحزاب، وسبق أن شبهت بالأحزاب الكرتونية لأنها لا تهش ولا تنش، فالإنقاذ هي التي جعلت من أولئك أصناماً لتعبد أو هي التي عرفت ضالة أولئك الأشخاص.. فمنحتهم الوزارات وهم لا يستحقونها، بعد أن هجروا أحزابهم، والإنقاذ نفسها تعلم أن أولئك لا يستحقون تلك الوزارات، ولكنها أرادت أن تكسبهم بعد أن عملوا على تمزيق أحزابهم الكبيرة، خاصة حزب الأمة القومي الذي كان يشكل خطورة على الإنقاذ، برئيسه الإمام “الصادق المهدي” فنجحت الإنقاذ في تمزيق الحزب بأولئك الطامعين في السُلطة والمال، ومنحتهم ما يريدون ولكنها لم تعلم أنهم غير أوفياء، عند ما يشتد الوطيس فنهار لم يحلم أن يتبوأ كل تلك الوزارات لو ظل في حزب الأمة القومي مع الفطاحلة من القيادات، فها هو اليوم ينزل من السفينة ليس لأن له موقف من الأحداث الجارية وليس من قادتها وإنما لمصلحته الشخصية التي انتقصت وفقده للوزارة بعد تلك السنين الطويلة في كرسي الحكم، أنا هنا لا أدافع عن الإنقاذ ولا عن الحكومة وليست لي أدنى صلة بها، ولكن من الشهامة والرجولة يفترض أن يكون للقائد كلمته وموقفه، فطالما أكل الملح والملاح مع الحكومة، ونال ما لم يستطع أن يناله في وضع آخر كان حري به أن يكون ثابتاً في موقفه احتراما للعلاقة بينه وبين الحزب الذي منحه كل تلك الشهرة والمكانة، والموقف لا ينطبق على “نهار” وحده بل السيد “مبارك الفاضل” الذي حظي باهتمام الحكومة ومنحته ما لم تمنحه للآخرين من المناصب، وكذلك “غازي صلاح الدين” ابن الحركة الإسلامية الذي ضحى بروحه في أحداث ما يُسمى بالمرتزقة  في 1976بدار الهاتف، جاء مع الثوار للانقضاض على نظام الرئيس الأسبق “جعفر نميري” ممثلا للجبهة الإسلامية القومية، الرجال مواقف مهما كانت الأمور فلابد من الثبات على المبدأ فطالما ارتضيتم المشاركة فأثبتوا على مواقفكم، فالتاريخ لن يرحمكم مع أو ضد فلا ندري من الذي سيثبت على موقفه؟ ومن الذي سيكون داخل السفينة حتى النهاية.

 

 

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية