ولنا رأي

الورق الجديد هل يحل مشكلة السيولة؟!

صلاح حبيب

يطرح بنك السودان الأيام القادمة مجموعة من الأوراق النقدية ذات الفئات (مائة ومائتين وخمسمائة جنيه) ولكن هل يدرك بنك السودان ومحافظه خطورة تلك الأوراق وتأثيرها على الاقتصاد السوداني؟، بالتأكيد السيد المحافظ يعلم ما هي الأسباب التي دفعته إلى هذه الفئات، ولكن رغم معرفته الكاملة بذلك ولكن تأثيرها السالب أكبر من نفعها، لأن العُملة ذات الفئات الصغيرة أصلاً غير متوفرة، وأزمة السيولة منها مازالت قائمة، ولذلك فإن الفئة الجديدة لن تحل المشكلة أن لم تزدها تعقيدا، أن الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى الاحتجاجات والتظاهرات لم تكن بسبب ورقة عُملة كبيرة أو صغيرة فالعُملة أصلا غير متوفرة.. فقد سحبها أصحابها وأودعوها المنازل أو الخزن بدلاً من المصارف، فمهما طبع بنك السودان من عُملة ذات فئة صغيرة أو كبيرة فلن تحل المشكلة، ما لم تحل مشكلة الثقة بين البنوك وأصحاب الأموال التي أودعوها بالبنوك، فحتى تلك الفئة سيكون مصيرها مصير العُملات التي تمت طباعتها بالملايين واختفت في غمضة عين، وظلت المشكلة مستمرة مثلها ومثل شح الوقود الذي لن ينتهي ما لم تحل المشكلة جذريا بتوفير العُملات الصعبة التي يمكن من خلالها استيراده، فالسيولة هي التي تمكن المواطن أن يسير بها حياته، فكيف يعجز من الحصول عليها وأصلا ليست هبة أو منحة من تلك البنوك ولا من الدولة، فالمال أودعه لنيله متى ما احتاج إليه، ولكن الصورة أصبحت أشبه بالسطو على مال الغلابة من أبناء هذا الشعب، لذا فإن الفئات الجديدة أن كان السيد المحافظ والجهات المختصة ترى أنها حلا لمشكلة السيولة، تكون قد أضاعت البلاد والعباد فالتضخم ظل في تصاعد وتلك الفئات ستزيده أكثر مما هو عليه، أن مشكلة المسؤولين يتخذون القرارات دون تانٍ في الدراسة فمنذ أن تولى الدكتور “محمد خير الزبير” حقيبة بنك السودان، جاء بخطة ظننا أنها المخرج للبلاد من المشاكل الاقتصادية التي اتهم وزير المالية السابق الجنرال “الركابي” بأنه السبب الأساسي فيها.. ولكن اتضح أن المشكلة أن المسؤولين لا يجلسون مع الخبراء أو المختصين لمعرفة رأيهم في كيفية الوصول إلى الحل، وحتى الدولة تريد حلول متعجلة وتطلب من المحافظ أو وزير المالية أن يقدم دراسة مستعجلة للمخرج من الأزمة التي تعيشها البلاد، فالدراسة ولعجلة المسؤولين تأتي فطيرة ولا تصل إلى الحل الجذري هي محاولات أو مسكنات تنفجر بعدها إلى حالة تصبح عصية على حلها، انظروا إلى الأحاديث التي أدلى بها الأستاذ “معتز موسى” وزير المالية في خفض أسعار العُملات الصعبة حتى الدولار الذي حدد يوما بعينه ومن بعد ذلك على كل من يحمل دولارا فلابد أن يتخارج منه، فأصحاب الدولارات انتظروا ذاك اليوم بفارق الصبر فأتى اليوم ومر مرور الكرام ولم يحصل أي شيء لا الدولار انخفض إلى المستوى الذي بشر به، ولا أصحاب الدولار (بلوه وشربو مويته)، فالآن محافظ بنك السودان يبشرنا بإغراق البنوك بالمال من خلال الفئات الجديدة التي سيتم طرحها في السوق الأيام القادمة، وسوف تنزل العُملة السوق.. ولكن هل ستحل مشكلة السيولة أم سيكون مصيرها مثل مصير العُملة التي طبعت بالخارج وانعدمت في ثوانٍ، وعاد الحال إلى ما هو عليه، فالصفوف مستمرة أمام الصرافات، والمواطنون يبحثون عنها بالساعات والأيام ولا أحد يجيب متى ستنتهي الأزمة؟.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية