ولنا رأي

هل الإنسان مُسيّر أم مُخيّر؟!

صلاح حبيب

جدل كثيف دار منذ أزمان بعيدة حول هل الإنسان مسيّر أم مخيّر، فبعض العلماء قال إن الإنسان مسير لأن المولى عز وجل ومنذ الخلق جعل حياته كلها تسيير، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا بإرادته تعالى، بينما قال آخرون إن الإنسان مخيّر في حياته فكل ما يفعله من خير أو شر هو بإرادته.. فالمولى لم يجعله يذهب إلى التهلكة أو يطلب منه أن يشرب الخمر أو ارتكاب المعاصي، والجدل حول ذلك مستمر إلى يومنا هذا.
الإنسان أحياناً يصاب بمرض ولا يدري هل هذا المرض الذي أصابه كان بإرادته أو من الله تعالى وهل هو للخير أم للشر؟ وأحياناً يسافر الإنسان إلى بلد ما بغرض الرزق أو الهجرة، لكن يظل لفترة من الزمن ولا يوفق فيعود إلى وطنه مرة أخرى، ويكون المولى قد كتب له الرزق في بلده.. يستعجل الإنسان في اتخاذ القرار، ولا يدري أن الله قد جعل له الخير فى ما لا يعلمه، فالإنسان دائماً يستعجل النتائج فإن لم تأت في صالحه يلعن الزمن والدهر وحتى اليوم، لكن ربما عدم التوفيق في تلك الحالة كان لمصلحته التي لا يعلمها هو، لذا نقول إن الإنسان مسيّر في حياته وليس مخيّراً.. قد يريد المرء أن يسافر إلى منطقة ما فيتأخر عن زمن البص أو الطائرة فتفوته السفرية، لكن البص أو الطائرة التي تأسف على أنها فاتته تتعرض لحادث يؤدي إلى هلاك كل المسافرين فيكتب الله النجاة بتأخره عن السفر.. وهنالك حالات كثيرة، آخرها الطائرة التي أقلت والي القضارف التي راح ضحيتها الوالي وبعض ممن كانوا معه بينما نجا آخرون، وربما هناك من فاتته الطائرة وتأسف على أنه لم يكن بين ركابها، لكن عند تحطمها شعر بالسعادة لأنه لم يكن فيها.. وكل إنسان له قصص وحكاوي في ذلك شراً أو خيراً.
أذكر في بداية التسعينيات كنت قد تقدمت للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي المرة الأولى سقط جوازي من يد مسؤول السفارة الذي يقوم بالتسلُّم، فعاودت الكرة للمرة الثانية وكنت ضمن الذين تم تسلُّم جوازاتهم، لكن للأسف السيدة التي كانت تجري المعاينات لطالبي التأشيرة ولم ترفض منحها لمن أجريت له المقابلة حينما جاء دوري تم استبدالها بشخص آخر، وبدأت المقابلة وكانت تسير في اتجاه المنح لكن فجأة سألني مسؤول السفارة عن أشياء لم تكن في الحسبان ورفض منحي التأشيرة، ثم ذهبت إلى السفارة البريطانية وكان الرفض أيضاً.
حزنت في البداية.. لكن بعد فترة وبدون أي مقدمات سألني أحد الأصدقاء الذي يعمل في وزارة الشؤون الدينية وقتها إن كانت لدي الرغبة في الذهاب إلى المملكة السعودية فأجبت بالإيجاب، وفي اليوم الثاني كان جوازي يحمل التأشيرة وغادرت وعملت لما يقارب الأربع أو الخمس سنوات هناك، وعندما انتهت فترة عملي بمفوضية الاستفتاء في 2011 اتصل عليَّ أحد الإخوان وكانت نتيجة الاتصال صحيفة (المجهر) في نسختها الأولى، وحينما بدأنا في تحويلها من أسبوعية إلى يومية فجأة وبدون أي مقدمات اتصل عليّ الأخ “الهندي” يسأل عن صاحب الصحيفة ليكون شريكاً معه ووقتها الشرتاي لم يفكر في البيع أو الشراكة، وطلب الأخ “الهندي” أن نجلس معه وبالفعل وبعد عدة جلسات تم البيع كاملاً للأخ “الهندي” فكانت الأقدار ودون أي تخطيط أن نعمل معاً.
واليوم لا ندري إلى أين تسوقنا الأقدار، ونشكره على تلك الفترة التي أمضيناها معه كثنائي تنبأ له الأخ “حسين خوجلي” رئيس تحرير الزميلة (ألوان) بالنجاح.. وشكراً لكل الزملاء الذين تعرفنا إليهم ووقفوا إلى جانبنا، وإلى كل القراء الذين كانوا لنا الزاد والتشجيع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية